كشفت صحيفة “آس” الإسبانية أن الحكومة الإسبانية قررت رسميا إلغاء صفقة اقتناء مقاتلات F-35 الأمريكية من طراز “لايتنينغ II”، وهو قرار ينهي خطط استبدال الطائرات القديمة من نوع Harrier AV8B لدى البحرية، وكذلك مقاتلات F-18 التابعة للقوات الجوية.
قرار مدريد جاء نتيجة عدة اعتبارات تتعلق بالسيادة التكنولوجية والتكاليف الباهظة للصيانة التي تفرضها شركة “لوكهيد مارتن”. فبرغم تصنيع هذه الطائرات جزئيا في إيطاليا، إلا أن التحكم في أنظمتها الحيوية يبقى تحت وصاية واشنطن، مما أثار مخاوف لدى السلطات الإسبانية من إمكانية “تعطيل” بعض وظائفها الحيوية بقرار أمريكي في أي لحظة.
كما أن تكاليف صيانة وتشغيل هذه الطائرات تتطلب تجهيزات وبنى تحتية ضخمة فرضتها الشركة المصنعة، وهو ما اعتبرته مدريد، ومعها دول أوروبية أخرى كسويسرا، شروطا تعسفية تتعارض مع السيادة الدفاعية.
في هذا السياق، قررت إسبانيا الانخراط في استراتيجية أوروبية تهدف إلى تعزيز استقلالها التكنولوجي والدفاعي من خلال دعم منصات محلية مثل مقاتلة Eurofighter Typhoon، التي تتميز بمناوراتها العالية وسرعتها الفائقة، رغم افتقارها لقدرات الشبح الإلكتروني الموجودة في F-35.
إلى جانب التايفون، تبرز مقاتلات Dassault Rafale الفرنسية وSaab Gripen السويدية كخيارات مؤقتة، في انتظار الجيل السادس من المقاتلات الأوروبية المتمثل في مشروع FCAS (نظام القتال الجوي المستقبلي)، الذي يتوقع دخوله الخدمة بحلول سنة 2040.
هذا المشروع المشترك بين فرنسا وألمانيا وإسبانيا يهدف إلى تطوير طائرة شبحية متكاملة مع أنظمة طائرات بدون طيار، وأقمار صناعية، ووحدات برية في “شبكة قتال سحابية”. وستسهم مدريد بمبلغ 2.5 مليار يورو في الفترة الممتدة حتى 2029 لتطوير هذا المشروع، حيث ستقود شركة Indra الإسبانية تطوير الأنظمة الحسية والمحاكاة.
وتشارك في البرنامج شركات أوروبية بارزة مثل Dassault وAirbus وSafran وMTU وThales، بالإضافة إلى شركات إسبانية مثل Sener وITP Aero.
قرار إسبانيا بعدم الاعتماد على F-35 يعبر عن توجه أوروبي متزايد نحو تقليص التبعية التكنولوجية للولايات المتحدة، وبناء منظومة دفاعية مستقلة تراعي خصوصيات السوق الأوروبي وتعزز التعاون الصناعي والعسكري داخل القارة.