سنة 2024 حملت معها تطورا لافتا في أداء إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث حققت المملكة مستوى غير مسبوق من المداخيل الجمركية بلغ 144,8 مليار درهم، بزيادة تناهز 9,2% مقارنة بسنة 2023 (132,5 مليار درهم). هذه النتيجة تخطت التوقعات المسطرة في قانون المالية، إذ وصلت نسبة تحقيق الأهداف إلى 104,9% بالنسبة للحقوق المدفوعة و108,1% للحقوق المحتسبة.
التحليل التفصيلي يبرز أن الضريبة على القيمة المضافة (TVA) تمثل العمود الفقري للمداخيل، حيث ارتفعت حصتها إلى 62% من إجمالي الإيرادات (مقابل 60% سنة 2023)، متبوعة بالضرائب الداخلية على الاستهلاك (26%)، ثم الرسوم الجمركية على الواردات (12%). هذا التوزيع يعكس اعتمادا متزايدا على استهلاك الأسر وعلى الواردات ذات القيمة المضافة المرتفعة.
على مستوى الرسوم الجمركية، سجلت ارتفاعا بـ 8,5%، مدعومة خصوصا بواردات متنوعة أبرزها: الأغنام (+1,3 مليار درهم)، الهواتف الذكية (+298% بما يعادل +302 مليون درهم)، الأجهزة الكهرومنزلية الصغيرة مثل المجففات والمايكروويف (+816% أو +199 مليون درهم) والدراجات بمختلف أصنافها (+123,6 مليون درهم).
أما الضريبة على القيمة المضافة فقد ارتفعت بـ 11,9% لتبلغ 84,9 مليار درهم، إلا أن المنتجات الطاقية سجلت تراجعا ملحوظا (-5,7%)، متأثرة بانخفاض الواردات من الفحم الحجري (-23%) والغاز الطبيعي (-41%) وفحم البترول (-27,7%).
في المقابل، واصلت الضرائب الداخلية على الاستهلاك انتعاشها، خصوصا في قطاع الطاقة مع ارتفاع العائدات من الغازوال (+12,6%) والبنزين الممتاز (+9,6%). كما ساهم قطاع التبغ بدوره بشكل مهم في تعزيز الموارد، إذ ارتفعت مداخيله بـ 8,3% لتضيف حوالي 1,127 مليار درهم إضافية، مدفوعة بزيادة استهلاك السجائر إلى 8,44 مليار درهم مقابل 7,35 مليار درهم في 2023.
في ما يخص قطاع السيارات، واصل الطلب زخمه، حيث بلغ عدد السيارات السياحية التي جرى إدخالها إلى الاستهلاك سنة 2024 حوالي 151.755 وحدة، بزيادة 6%. هذه الدينامية انعكست مباشرة على المداخيل الجمركية التي بلغت 7 مليارات درهم مقابل 6,27 مليارات سنة 2023، أي نموا نسبته 12%.
مكافحة التهريب والاتجار غير المشروع
سنة 2024 تميزت كذلك بتراجع حاد في أنشطة التهريب، إذ انخفضت كميات السجائر المهربة بنسبة 58% لتستقر عند 254.388 وحدة فقط. كما كشفت دراسة ميدانية أن نسبة انتشار هذه المواد في السوق المحلية لم تتجاوز 1,04% مقابل 1,85% في 2023 و2,81% في 2022، وهو ما يعكس نجاح التدابير الردعية التي باشرتها إدارة الجمارك.
أما على صعيد المخدرات، فقد ارتفعت الكميات المحجوزة بشكل لافت: 38 طنا من الشيرا مقابل 21 طنا في 2023، و750 كيلوغراما من الكوكايين مقابل 261 كلغ في السنة السابقة. هذه الأرقام تؤكد تشديد الرقابة وتكثيف التنسيق مع الأجهزة الأمنية والحدودية.
القيمة الإجمالية للبضائع المهربة المصادرة بلغت 284 مليون درهم، بزيادة طفيفة قدرها 7,74%. وقد ساهمت في ذلك آليات جديدة مثل تعزيز الاستخبارات الجمركية، نشر الوحدات المتنقلة وتكثيف المراقبة المفاجئة.
مواجهة التقليد وحماية السوق
من جانب آخر، شهدت سنة 2024 ارتفاعاً في طلبات تعليق دخول السلع المقلدة إلى 746 طلبا مقابل 682 في 2023 (+9,38%). غير أن عمليات الحجز الفعلية تراجعت إلى 82 حالة فقط، أي انخفاضا بحوالي 42% مقارنة بالسنة السابقة. ويعزى ذلك إلى تطور الوعي القانوني لدى المستوردين وتحسن التنسيق بين مصالح الجمارك وأصحاب الحقوق.
بهذا الأداء، استطاعت إدارة الجمارك أن تجمع بين تعزيز موارد الخزينة العامة وترسيخ موقعها كفاعل رئيسي في حماية الاقتصاد الوطني من المخاطر المرتبطة بالتهريب والممارسات غير المشروعة.