كشف تقرير سنوي صادر عن المفوضية الأوروبية عن تقدم ملموس في مجال إنتاج الطاقة المتجددة في أوروبا، بما في ذلك الطاقة الشمسية والبحرية. ويشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي يسلك السبيل الصحيح نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي.
وجاء في التقرير أنه خلال العام الماضي، شهدت القدرة على توليد الطاقة من الشمس زيادة كبيرة بنسب تصل إلى 60٪،.. بينما ارتفعت القدرة الجديدة للرياح البرية والبحرية بنسبة 45٪ عن عام 2021.
وتستهدف المفوضية تحقيق تحول نحو الطاقة النظيفة، بهدف جعل أوروبا قارة محايدة مناخيا بحلول عام 2050. وتأتي هذه الخطوة في سياق انخفاض واردات الغاز الروسي بنسبة كبيرة هذا العام نتيجة الأزمة التي نجمت عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
في إطار التزامها بمكافحة تغير المناخ،.. أعلنت المفوضية الأوروبية عن تحقيق انخفاض عام بنسبة 3% في انبعاثات الغازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2022. وبذلك تكون الانبعاثات قد تراجعت بنسبة 32.5% مقارنة بمستويات عام 1990. يأتي هذا التقرير في إطار خطة الاتحاد لتخفيض الانبعاثات بنسبة لا تقل عن 55% بحلول عام 2030.
وتشير المفوضية إلى أنه في شهر مايو من هذا العام،.. تجاوز إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في الاتحاد الأوروبي لأول مرة إنتاج الوقود الأحفوري.
وتظهر البيانات أن عدة دول أوروبية، مثل إسبانيا والبرتغال وبلجيكا،.. سجلت زيادات كبيرة في إنتاج الطاقة المتجددة في عام 2023، وذلك على الرغم من تأثر إنتاج الطاقة الكهرومائية بالجفاف. وساعد توسع مجال الطاقة الشمسية في دفع البرتغال لتجاوز حاجز 50% في مايو.
الطاقة المتجددة تشكل 39 بالمائة من الانتاج
وتشير دراسة حديثة أجراها مركز الأبحاث Ember إلى أن إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري في الاتحاد الأوروبي قد بلغ مستوى قياسي منخفض خلال النصف الأول من عام 2023.
وفقا لتقرير المفوضية الأوروبية لعام 2022، تشير الإحصائيات إلى أن 39% من إجمالي الإنتاج الكهربائي يأتي من مصادر الطاقة المتجددة. وعلى الرغم من التقدم الذي تحقق في مجال الطاقة المتجددة، فإن المفوضية تشير إلى أن الوقت الراهن ليس مناسبا للراحة، حيث تظهر الأسواق الطاقية ضعفا عاما، وزاد دعم الوقود الأحفوري خلال فترة الأزمة. إضافةً إلى ذلك، يظل التضخم مرتفعا، وتحتاج البنية التحتية الأوروبية الحيوية إلى الحماية من التخريب.
عام 2021، تم الاتفاق على أهداف تشريعية لزيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى ما لا يقل عن 42.5% في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، وهناك تطلع لزيادة تلك النسبة إلى 45%. كما تم تعزيز أهداف كفاءة الطاقة، بما في ذلك تخفيض الاستهلاك النهائي للطاقة بنسبة 11.7% بحلول عام 2030.
ومع ذلك، تحذر المفوضية من أن دول الاتحاد الأوروبي لا تقوم بتوسيع استخدام الطاقة المتجددة بما يكفي لتحقيق الهدف القانوني الملزم بنسبة 42.5% بحلول عام 2030. وبالإضافة إلى ذلك، نشرت المفوضية خطة لدعم صناعة الطاقة الريحية في أوروبا،.. وهي صناعة تواجه تحديات مثل التضخم المرتفع والمنافسة المتزايدة من الشركات الصينية.
تشير المنظمات غير الحكومية إلى أن عام 2030 سيكون اختبارا واقعيا للجهود المناخية،.. وقد أثار تحالف من هذه المنظمات مخاوف بشأن الخطط الوطنية للطاقة والمناخ للدول الأعضاء (NECPs).
تبيّن تقرير مستقل ومنفصل أصدرته شبكة العمل المناخي (CAN) أن العديد من البلدان لا تتوافق مع الحد الأدنى من متطلبات الاتحاد الأوروبي لمكافحة التغير المناخي وتحسين استدامة الطاقة بحلول عام 2030.
من بين الدول الأعضاء التي فشلت في تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي المحددة والمساهمة بنسبتها الوطنية في تقليل الانبعاثات، تتضمن هذه القائمة الدنمارك وفنلندا وهولندا. وبحسب CAN، تعاني العديد من الدول الأخرى من عدم تحديد التزامات وطنية كافية لتعزيز فعالية استخدام الطاقة.
2030 هي سنة الاختبار الواقعي
بالرغم من التقدم في بعض المجالات، مثل تنفيذ أنظمة الألواح الشمسية على الأسطح، إلا أن التقييم المستقل يسلط الضوء على “التناقض البارز بين الحاجة الملحة لتعزيز الجهود المناخية وتقدم العمل الفعلي البطيء”،.. حسب تصريحات كيارا مارتينيلي، مديرة برنامج CAN Europe.
ونظرا لأن العديد من الدول تقوم حاليا بتحديث خططها الوطنية للطاقة والمناخ لأول مرة منذ عام 2019،.. فإنها تعاني من تأخر في التقييم.
فيديريكو ماسكولو، خبير سياسات المناخ في أوروبا،.. يعلق على التقييم قائلا: “رغم كشف هذا التقييم عن عدم كفاية الخطط الوطنية للمناخ والطاقة في تحقيق المستوى المطلوب من العمل المناخي،.. إلا أن هناك لدى البلدان ما يقارب ثمانية أشهر لتصحيح المسار وتفادي فقدان الفرصة.”
“عام 2030 يمثل أول اختبار واقعي للجهود المناخية،.. وفشلنا في تحقيق هذا التحدي سيقف حجر عثرة كبيرا في طريق جهودنا المستقبلية للتخفيف من تأثيرات تغير المناخ.”