قد يكون للانهيار المحتمل للمجال المغناطيسي للأرض أثرا كبيرا على تطور الحياة على كوكبنا، وفقا لأحدث الأبحاث العلمية التي تمت على صخور قديمة في جنوب أفريقيا والبرازيل. تشير هذه الدراسات إلى ضعف المجال المغناطيسي للأرض منذ ما يقارب 591 مليون سنة، وهو التوقيت الذي يتزامن مع فترة زمنية معروفة باسم العصر الإدياكاري، حيث تطورت الحياة وزادت الغنى بالأكسجين في الغلاف الجوي والمحيطات.
وفي دراسة نشرت مؤخرا في مجلة “Communications Earth & Environment”، أكد الباحثون أن الضعف المغناطيسي وصل إلى أقصى درجاته قبل 591 مليون سنة، حيث كان أضعف بنسبة 30 مرة مما هو عليه اليوم. تم استنتاج ذلك من خلال دراسة البلورات الصغيرة في الصخور التي تشكلت قبل مئات الآلاف من السنين، حيث تمثل هذه البلورات نسخة متوسطة لقوة المجـال المغناطيسي خلال تلك الفترة.
وفيما يتعلق بآثار هذا الضعف المغناطيسي،.. فإن الدراسة تشير إلى أن زيادة الأكسجين في الغلاف الجوي والمحيطات كانت واحدة من النتائج الرئيسية. وبما أن المجال المغناطيسي يعمل كغطاء واقي حول الأرض، فإن الزيادة في الأكسجين قد تمكن الكائنات الحية من النمو بشكل أكبر وتطورها لتصبح أكثر قدرة على الحركة.
وقال جون تاردونو، قائد الدراسة وعالم الكواكب في جامعة روتشستر في نيويورك: “إذا تأكدت نتائجنا،.. فإن هذا الحدث سيكون حدثا عميقا في تاريخ تطور الحياة”. وأضاف: “يمكن أن تكون هذه النتائج مفتاحا لفهم كيفية نشأة الحياة على كواكب أخرى، وتسليط الضوء على العلاقة بين الجيولوجيا الداخلية للأرض وتطور الغلاف الجوي والسطح”.
دور المجال المغناطيسي للأرض في تشكيل البيئة وتطور الكائنات الحية
يتأثر المجال المغناطيسي للأرض بحركة اللب السائل الذي يحتوي على الحديد. وفي الوقت الحالي، يتولى اللب السائل الدور الرئيسي في توليد هذا المجـال المغناطيسي،.. حيث يتحرك اللب السائل بفعل الحرارة المنبعثة من اللب الداخلي،.. مما يساعد في تشكيل المجال المغناطيسي حول الأرض. وبحسب الدراسة، فإن الحقل المغناطيسي كان قويا كما هو اليوم في الصخور التي يعود عمرها إلى ملياري سنة، مما يشير إلى أن الحرارة من اللب الداخلي كانت تنتقل بسرعة كافية لتحافظ على الحقل المغناطيسي في حالة جيدة.
ولكن بمرور الزمن، تباطأت عملية انتقال الحرارة من اللب الداخلي،.. مما أدى إلى تقليل التقلبات في درجة حرارة اللب السائل الخارجي،.. وبالتالي ضعف المجـال المغناطيسي. وقال تاردونو: “في وقت ما، ربما اختفى المجال المغناطيسي تماما”.
من المثير للاهتمام أن زيادة الأكسجين في الغلاف الجوي والمحيطات قد تكون نتيجة لهذا الضعف المغناطيسي. ففي العصر الإدياكاري، ومع ضعف المجال المغناطيسي، اتسعت المنطقة المفتوحة حول القطبين،.. مما سمح لجزيئات الهيدروجين بالهروب إلى الفضاء. وهذا يعني أن كمية أقل من جزيئات الهيدروجين ترتبط بالأكسجين،.. مما يؤدي إلى زيادة كمية الأكسجين المتاحة في الغلاف الجوي والمحيطات.
وختاما، يعد انهيار المجال المغناطيسي للأرض حدثا هاما في تطور الحياة على كوكبنا،.. حيث قدم فرصا جديدة لتطور الحياة بفضل زيادة الأكسجين في الغلاف الجوي والمحيطات. ورغم أنه قد يكون تأثيره سلبيا على الطبيعة البيئية للكوكب،.. إلا أنه قد ساعد في تسريع عملية التطور وتطور الحياة إلى مراحل متقدمة وفقا للدراسة.