شهدت بورصة الدار البيضاء تراجعا حادا في تداولاتها، حيث بدأ مؤشرها الرئيسي “مازي” الأسبوع بخسارة بلغت 3.62%، ليصل إلى 16,609.35 نقطة، وذلك نتيجة لتقلبات الأسواق العالمية بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن فرض رسوم جمركية جديدة على بعض الدول، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي. وهذا التوجه التجاري المشحون يشير إلى عواقب اقتصادية قد تطال العديد من الأسواق الناشئة، وعلى رأسها بورصة الدار البيضاء.
في أولى ساعات التداول، لم تكن الأسواق المحلية بمنأى عن الهزات التي ضربت الأسواق العالمية. فقد تراجع MASI 20، الذي يعكس أداء أكبر 20 شركة من حيث السيولة، بنسبة 3.96% ليصل إلى 1,347.63 نقطة، كما انخفض MASI ESG، الذي يقيس أداء الشركات التي تحترم معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية، بنسبة 3.31% ليصل إلى 1,142.51 نقطة. من جهة أخرى، MASI Mid and Small Cap، الذي يقيم أداء الشركات الصغيرة والمتوسطة في السوق، خسر 3.8% ليبلغ 1,651.14 نقطة.
وفي تحليل أوسع، يظهر أن هذه التراجعات ليست معزولة، إذ يعكس تدهور الأسواق المحلية التأثير الكبير للأحداث الدولية على الاقتصاد الوطني. فخلال الأسبوع الماضي، أنهى مؤشر MASI تعاملات يوم الجمعة بتراجع طفيف بلغ 0.15%، مما كان بمثابة مؤشر لتأثر السوق بتقلبات الأسواق العالمية.
أزمة عالمية تلوح في الأفق
التأثير المباشر للقرار الأمريكي على أسواق المال العالمية كان واضحا، حيث تراجعت بورصات أوروبا بشكل كبير، مع انخفاضات تجاوزت 5% في العديد من الأسواق. ففي فرانكفورت، فقد المؤشر 5.75% من قيمته، وتعرضت بورصة باريس لانخفاض بلغ 5.68%، بينما شهدت بورصة لندن تراجعا بنسبة 5.21%.
أما في آسيا، فقد كانت ردود الفعل أكثر حدة، حيث تراجعت بورصة هونغ كونغ بشكل تاريخي بأكثر من 12%، وهي أكبر خسارة منذ أكثر من 16 عاما. كما شهد مؤشر شنغهاي تراجعا بنسبة 7.34%، في حين تراجع مؤشر شنتشن بنسبة 9.66%. ومن جانب آخر، سجلت بورصة طوكيو تراجعا قدره 8%، كما تراجعت أسواق سيول و سيدني بما يقارب 5%.
يعتبر هذا الانهيار الحاد في الأسواق جزءا من تداعيات الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية ثقيلة على واردات العديد من الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و الصين. هذه الرسوم التي تصل إلى 10% إضافية على بعض المنتجات، مثلت بداية فصل جديد من التوترات الاقتصادية العالمية.
تأثير طويل الأمد على النظام التجاري الدولي
وفقا للخبراء الاقتصاديين في دويتشه بنك، فإن ما يحدث حاليا في الأسواق يعتبر صدمة تاريخية لنظام التجارة العالمي. بعض المحللين وصفوا هذا الحدث بأنه قد يكون أكبر صدمة تجارية منذ انهيار اتفاق بريتون وودز في عام 1971، الذي كان قد أسس النظام المالي الدولي المعاصر.
وبينما يبقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مصمما على سياسته التجارية، كان واضحا من تصريحات إدارته أن أكثر من 50 دولة قد تواصلت مع البيت الأبيض من أجل التفاوض على شروط جديدة، في محاولة لتخفيف حدة التأثيرات الاقتصادية التي خلفتها الرسوم الجمركية الجديدة.
إقرأ أيضا: النفط في أدنى مستوياته منذ 2021.. تصعيد بكين يربك الأسواق العالمية
وفقا لخبراء فإن ما يحدث اليوم في أسواق المال الدولية، بما في ذلك بورصة الدار البيضاء، يمثل اختبارا صعبا للاقتصادات العالمية. ولعل التحدي الأكبر يكمن في كيفية مواجهة هذه التداعيات الاقتصادية والحفاظ على استقرار الأسواق المالية في ظل التوترات المتصاعدة بين القوى الكبرى.