لم تكن صرخة خديجة، تلك المرأة التي لقبها المغاربة بـ”مولات 88 غرزة”، مجرد تنفيس عن ألم عابر، بل كانت صرخة تكسرت على جدران المحاكم واللا مبالاة، قبل أن تجد صداها في قاعة محكمة الاستئناف بالقنيطرة. يوم الجمعة، جاء الحكم الذي انتظرته بشغف وألم: سنتان حبسا نافذا وغرامة 200 ألف درهم ضد المعتدي عليها.
قبل هذا اليوم، لم تكن خديجة مجرد ضحية اعتداء جسدي. كانت رمزا لامرأة قررت ألا تسكت، رغم موجة التشكيك، رغم الأحكام الخفيفة، رغم محاولة تزييف الحقائق. فقبل أسابيع فقط، كانت المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم قد أصدرت حكما صادما بالسجن شهرين وغرامة مالية هزيلة لا تتجاوز 300 درهم، معتبرة أن الرواية التي قدمها المتهم وشاهد غامض أقرب إلى الحقيقة من آثار 88 غرزة حفرت على جسدها.
حينها، لم تقبل خديجة أن يطوى الملف بتلك البساطة. ظهرت في فيديوهات تبكي وتصرخ وتواجه الكاميرات بشجاعة: “ماشي أنا اللي ضربت راسي!”،.. مؤكدة أن ما وقع لها جريمة بشعة حاول البعض تغطيتها بروايات مشبوهة وليل “خمري” اختلق لتشويه سمعتها.
اليوم، تغير كل شيء. محكمة الاستئناف قلبت الطاولة على الحكم الابتدائي،.. واعتبرت أن الأدلة التي قدمت ضد خديجة لم تكن إلا مغالطات وشهادات متناقضة،.. وهو ما أكده محاميها الذي صرح بأن المرحلة الأولى من المحاكمة شهدت تناقضات واضحة،.. بل تم الاعتماد فيها على شهادة وصفت بـ”المزورة”، تتنافى مع شهادة طرف آخر في نفس الملف.
خارج أسوار المحكمة، وقفت خديجة تصرخ هذه المرة بصوت مختلف، ممزوج بالراحة والانتصار:
“الحمد لله خديت حقي، والمحكمة بينات الحقيقة”، وأضافت بصوت مبحوح من التأثر:
“أنا ما يمكنش نضرب راسي، كنت باغا حقي فقط، وها أنا خديتو”.
اليوم، انتصرت خديجة.. وغدا، قد تكون هذه الصرخة سببا في إنصاف ضحايا أخريات قررن كسر جدار الصمت.