لم تعد صراعات المجالس الجماعية حبيسة الكواليس والمكاتب المغلقة، بل خرجت إلى الشوارع، وإلى أوراش البناء، وحتى إلى أبواب المقاهي والمدارس الخاصة. وراء هذه المشاهد، تكشف مصادر موثوقة عن تحقيقات معمقة تجريها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتنسيق مع المفتشية العامة للإدارة الترابية، بخصوص شبهات خطيرة تحيط بملفات “سوء استغلال السلطة” في تدبير الشرطة الإدارية من طرف رؤساء جماعات نافذين.
التحقيقات لم تأت من فراغ؛ بل تحركت على وقع قرارات العزل التي أصدرتها المحاكم الإدارية في حق عدد من رؤساء الجماعات، خصوصا بجهة الدار البيضاء-سطات. تلك القرارات أزاحت الستار عن شكايات كانت راقدة في الرفوف، تضم معطيات توصف بـ”الخطيرة”، من بينها اختلالات في منح الرخص وتدبير الصفقات، وفبركة محاضر لاستهداف خصوم سياسيين.
توضح المعطيات أن بعض الرؤساء استغلوا صلاحيات الإشراف على الشرطة الإدارية لخوض معارك سياسية، بل وذهبت الممارسات إلى حدود تزوير محاضر أنجزت تحت الطلب، وإصدار قرارات جماعية وهمية تتعلق بإلغاء رخص قديمة أو الاعتراض على طلبات رخص جديدة، خدمة لأجندات انتخابية أو مصالح ضيقة.
الأبحاث كشفت عن تعليمات غير مكتوبة، صادرة عن رؤساء مصالح، تأمر بمداهمات لمستودعات ومحلات دون إشعار أصحابها، وفي غياب الأطراف المعنية، في خرق سافر للمساطر القانونية. التحقيقات طالت كذلك سجلات نشاط الشرطة الإدارية، وسط حديث عن استعمال هذه السلطة الرقابية كسلاح انتخابي.