لم يكن أحد يتوقع أن تتحول لحظة رومانسية، التقطتها عدسة كاميرا سينمائية، إلى شرارة جدل واسع في شوارع طنجة وفضاءاتها الرقمية. لقطة يتبادل فيها بطلا فيلم إيطالي قبلة في ساحة عمومية، كافية لتفجير عاصفة من النقاش بين من يرى في المشهد انتهاكا للهوية، ومن يعتبره تعبيرا فنيا مشروعا.
القصة بدأت حين انطلقت أعمال تصوير فيلم إيطالي في ساحة التاسع من أبريل، إحدى الساحات التاريخية لمدينة طنجة. إنتاج سينمائي يحمل توقيع المخرج الشهير غابرييلي موتشينو، ويضم أسماء بارزة مثل ستيفانو أكورسي، ميريام ليوني، كلاوديو سانتاماريا وكارولينا كريشنتيني.
الفيلم، الذي لم يعلن بعد عن عنوانه الرسمي، يجمع بين روما وطنجة، ويستحضر تقاطعات العلاقات الإنسانية وتفاصيل العاطفة حين تعبر الجغرافيا والهوية.
هل انتهك الفن حرمة الأذان؟
لكن ما أثار موجة استياء، خصوصا على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس فقط مشهد القبلة، بل أيضا مقطع فيديو نشره الممثل أكورسي على إنستغرام، يظهر المدينة ليلا من الأعلى بينما يعلو صوت الأذان. بالنسبة للبعض، بدا هذا المشهد مزيجا غير منسجم من قدسية الصوت وسينمائية الصورة، ما فتح بابا للتساؤل: هل كانت النية فنية أم مجرد عبث غربي بسياق محلي؟
طنجة، المدينة التي طالما ألهمت الشعراء والرحالة والسينمائيين، ليست مجرد ديكور خلفي لأي قصة تروى. إنها مدينة تطالب بالاحترام حين يستحضر اسمها، وتغضب حين يستباح صمتها الرمزي.
العمل السينمائي يمتد على مدى ثمانية أسابيع من التصوير،.. ينتقل بين سحر البحر الأبيض المتوسط في طنجة وروما. وتكمن خصوصيته في قدرته على التقاط لحظات إنسانية تتقاطع فيها العاطفة مع الاضطراب الداخلي للشخصيات،.. على خلفية مدن تتنفس التاريخ والجمال.
رغم أن هناك من يرى في هذه اللقطات فرصة لتسويق المدينة عالميا،.. فإن آخرين ينبهون إلى ضرورة احترام الحساسية الثقافية المغربية،.. خصوصا في مشاهد تجري في فضاءات عمومية لها مكانة خاصة في الوعي الجماعي.
يبقى السؤال مفتوحا: هل يمكن للفن أن يتنفس بحرية كاملة داخل فضاء يحمل ذاكرة جماعية مشبعة بالرموز؟ أم أن على السينما الأجنبية أن تخلع نعليها حين تعبر أرضا لا تزال تحفظ للحظة وللصورة قدسية معينة؟