بدأ العد العكسي لإطلاق مسار تشريعي حاسم من أجل تحديث مدونة الأسرة، وذلك بعد أن أنهت اللجنة الحكومية المشتركة المكلفة بصياغة النص مقترحاتها بشكل رسمي منذ 23 دجنبر الماضي. وتؤكد مصادر مطلعة لـ”آنفا نيوز” أن المشروع سيعرض على البرلمان خلال دورة أبريل الجاري، على أن يصادق عليه نهائيا قبل متم يوليوز المقبل، أي قبيل احتفالات عيد العرش.
وبحسب مصدر قريب من الملف، فإن النص القانوني قد جرى إعداده من طرف لجنة وزارية تضم وزراء العدل، والأوقاف والشؤون الإسلامية، والتضامن والإدماج الاجتماعي، إلى جانب الأمانة العامة للحكومة، وهي لجنة ترأسها رئيس الحكومة نفسه، وفتحت المجال لمشاورات موسعة مع خبراء في الفقه والقانون من أجل صياغة مشروع ينسجم مع الدستور ويعالج مظاهر التمييز القائمة.
ويكشف المصدر ذاته أن الصيغة النهائية للمشروع جاهزة، ولا ينقصها سوى المصادقة عليها في المجلس الحكومي، قبل أن تحال رسميا على المؤسسة التشريعية يوم الجمعة 11 أبريل مع انطلاق دورة الربيع البرلمانية.
ورغم التعتيم على التفاصيل الدقيقة لمضامين المشروع، إلا أن التسريبات المتداولة تشير إلى أن قضايا شائكة مثل النسب عبر اختبار الحمض النووي، وتعصيب الإرث، واستمرار العمل بتعدد الزوجات، ستكون ضمن محاور النقاش الساخن داخل قبة البرلمان.
ورجحت مصادر سياسية تحدثت إلى “ميديا 24” أن يعرف هذا المشروع مسارا تشريعيا سريعا، شبيها بما وقع خلال إصلاح 2004، خصوصا في ظل توافق سياسي واسع حول ضرورة إنهاء بعض مظاهر التمييز داخل الأسرة المغربية.
المعركة لم تنته بعد
ورغم التوجه العام نحو المصادقة، إلا أن بعض الأصوات من داخل الأحزاب تتوقع مواجهات برلمانية محتدمة عند الكشف الرسمي عن مضامين النص، لا سيما في ظل معارضة شرسة من التيار المحافظ الذي يرفض ما يعتبره “استنساخا لنماذج غربية” في قضايا الأسرة.
ويرى فاعلون حقوقيون أن هذا التعديل التشريعي، رغم أهميته، لا ينبغي أن ينظر إليه كخطوة نهائية، بل كمرحلة أولى فقط ضمن ورش طويل الأمد يهدف إلى ترسيخ المساواة بين الجنسين في المنظومة القانونية المغربية، انسجاما مع روح دستور 2011.
إقرأ أيضا: الملك يطلب “فتوى العلماء” في مقترحات تعديل مدونة الأسرة
وإذا تم احترام الآجال التي وضعتها الحكومة، فمن المنتظر أن يعتمد مشروع قانون الأسرة الجديد قبل 30 يوليوز، موعد عيد العرش، ما يمنح الحكومة ورقة سياسية قوية تعزز رصيدها الحقوقي قبل الدخول في المرحلة التحضيرية للانتخابات المقبلة.
ومع ذلك، لا تزال العديد من الأسئلة معلقة، خاصة في ظل صمت وزارة العدل التي امتنعت عن الإدلاء بأي تفاصيل حول مضمون المشروع، رغم الطلبات المتكررة من الصحافيين والفاعلين الحقوقيين، ما يزيد من حدة الترقب وسط الرأي العام.