موعد فني غير مسبوق تحتضنه الدار البيضاء مساء السبت 5 يوليوز، حيث يرتقب أن يتحول فضاء الساحة الكبرى لموروكو مول إلى مسرح مفتوح لواحدة من أضخم سهرات فن العيطة على الإطلاق، يقودها الفنان والباحث المغربي نسيم حداد في إطار جولته العالمية “Ayta World Tour”.
الحدث، الذي تم الترويج له على نطاق واسع، يوصف بأنه سيكون “عرض القرن” لهذا اللون الغنائي التقليدي، سواء من حيث الحجم، أو الطابع البصري المبتكر، أو تعدد مكوناته الفنية، إذ سيجمع بين الأداء الحي، والديكور المسرحي المتطور، والمؤثرات البصرية، إلى جانب أوركسترا موسيقية ضخمة تم إعدادها خصيصا لهذا الحفل.
من الفيزياء النووية إلى سحر العيطة
اللافت في مسيرة نسيم حداد ليس فقط شغفه بفن العيطة، بل خلفيته الأكاديمية الصلبة، إذ يحمل شهادة الدكتوراه في الفيزياء النووية، وسبق له أن شارك في مشروع ATLAS داخل المركز الأوروبي للأبحاث النووية (CERN)، وله ما يزيد عن 600 ورقة علمية منشورة. لكن رغم هذا المشوار العلمي، اختار حداد الانخراط الكلي في مشروع فني يربط الهوية بالصوت، والتاريخ بالمعنى.
الرؤية التي يحملها حداد لفن العيطة لا ترتكز على الحنين أو التغني بالماضي، بل يسعى إلى إعادة تأويلها كأداة للتعبير الحضري والحديث، منفتحة على الأجيال الجديدة. الحفل المرتقب يراهن على تحطيم الصور النمطية التي تحاصر العيطة، وإعادة تقديمها بمنطق فني معاصر، يجعل منها تراثا حيا لا مجرد فولكلور.
جولة “Ayta World Tour” سبق أن حطت الرحال في عواصم كبرى مثل باريس، أمستردام، الرباط، الدار البيضاء، حيث شهدت حفلاتها إقبالا غير مسبوق، ونجحت بعض أغانيها في تصدر منصات الموسيقى الرقمية، على الرغم من اعتمادها على اللهجة المغربية والهوية المحلية.
إلى جانب الجانب الاستعراضي، يرتبط مشروع حداد بجهد توثيقي كبير، إذ ينتظر أن يصدر له في شتنبر المقبل مؤلف جديد بعنوان “موسوعة العيطة”، يسبر فيه أغوار هذا الفن من زواياه التاريخية، الموسيقية، والسوسيوثقافية. ويعتبر هذا العمل تتويجا لمشروع فني علمي متكامل يطمح إلى إعادة بناء الجسور بين التراث المغربي وسياقه المعاصر.