الأكثر مشاهدة

قلق بيضاوي من ملعب بنسليمان.. هل يتحول “الحسن الثاني” إلى فيل أبيض؟

تتصاعد في أوساط الجماهير البيضاوية مخاوف حقيقية من أن يتحول مشروع ملعب الحسن الثاني ببنسليمان، الذي يعد من أبرز أوراش البنية التحتية المرتبطة بتنظيم كأس العالم 2030، إلى ما يعرف في أدبيات التنمية الحضرية بـ”الفيل الأبيض” — وهو تعبير يطلق على المشاريع الضخمة التي تكلف ميزانيات باهظة دون أن تحقق نفعا عمليا يتناسب مع كلفتها.

القلق المتزايد يأتي في سياق أسئلة مشروعة يطرحها أنصار فريقي الوداد والرجاء، ومعهم شرائح واسعة من ساكنة الدار البيضاء، حول مدى جدوى بناء ملعب بمواصفات عالمية بعيدا عن مركز الثقل الرياضي والسكاني. فالملعب الذي يشيد على بعد نحو 50 كيلومترا من الدار البيضاء، أثار حفيظة الجمهور، الذي يرى أن موقعه الجغرافي يضعف فرص استفادة قطبي العاصمة الاقتصادية منه، خاصة في مباريات القمة والديربيات والمنافسات القارية، حيث يعد الحضور الجماهيري عاملا حاسما في نتائج الأندية.

كما يتساءل كثيرون عما إذا كان من المنطقي ربط مشروع بهذا الحجم بتظاهرة مؤقتة، مثل كأس العالم، بدل أن يدمج في استراتيجية تنموية مستدامة تضع الجماهير والمدن الكبرى في قلب الاهتمام. ويطرح هؤلاء علامات استفهام حول القيمة المضافة لهذا المشروع في ظل وجود ملعب الرباط، الذي أعلنت الجهات الرسمية أنه سيكون المعقل الدائم للمنتخب الوطني.

- Ad -

من جهة أخرى، لم تسلم الإصلاحات المتكررة لمركب محمد الخامس من الانتقادات اللاذعة، حيث أصبح ينظر إليه كمشروع استنزافي تحول إلى “ثقب أسود” يبتلع الأموال العمومية دون أن يرقى لمستوى تطلعات الجماهير، التي لا ترى تغييرات ملموسة رغم الميزانيات الضخمة التي ترصد لصيانته.

بعيدا عن الانتقادات.. مدافعون يشرحون أهمية ملعب بنسليمان للمغرب

غير أن هذا الجدل لا يقف عند حد الانتقادات، إذ برزت آراء أخرى تدافع عن مشروع ملعب بنسليمان باعتباره جزءا من رؤية استراتيجية شاملة تستجيب لمعايير الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وتؤكد أن الملعب لن يكون منشأة معزولة عن محيطها أو عديمة الجدوى، بل على العكس، سيكون مكملا لملعب الرباط في استضافة مباريات المنتخب الوطني المغربي، وخاصة تلك التي تتطلب شروطا تنظيمية صارمة على مستوى البنية التحتية، الأمن، والنقل.

إقرأ أيضا: شركة SGTM تخرج عن صمتها وتكشف موعد انتهاء أشغال ملعب الحسن الثاني (صور)

وفق هذه الرؤية، يجري التخطيط لربط ملعب الحسن الثاني بشبكة حديثة من وسائل النقل، تشمل الطريق السيار وخط قطار جهوي و”التي جي في”، فضلا عن بناء محطة سكك حديدية عصرية على مقربة من الملعب، ما سيسهل بشكل كبير تنقل الجماهير من الدار البيضاء وغيرها من مدن الجهة بل ومن مختلف مناطق المملكة. ويرى أصحاب هذا الطرح أن النقل المنظم وفق معايير فيفا سيضمن انسيابية غير مسبوقة في تدبير التنقل، خلافا لما هو سائد حاليا في مباريات كبيرة داخل الدار البيضاء.

كما يؤكد المدافعون عن المشروع أن ملعب محمد الخامس سيظل المعقل الرمزي والتاريخي لفريقي الرجاء والوداد، وستخصص له المباريات المحلية والدورية، في حين سيكون ملعب بنسليمان منصة احتضان لمباريات دولية وقارية كبرى، بما في ذلك مباريات الديربي في حال وجود ضغط جماهيري كبير أو متطلبات تنظيمية لا يتسع لها مركب محمد الخامس، الذي يعاني تنظيميا أثناء الأحداث الكروية الكبرى بسبب تواجده وسط أحياء سكنية.

انتقادات لتسيير الكرة المغربية: الأندية مطالبة ببناء ملاعبها ذاتيا

في السياق ذاته، يرى عدد من المحللين أن بناء الملاعب للفرق الرياضية لا ينبغي أن يدخل ضمن اختصاصات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أو وزارة الشباب والرياضة، بل يفترض أن يكون ضمن مسؤوليات الأندية نفسها. ويضرب هؤلاء المثل بتجارب عالمية ناجحة، كالنموذج المصري مع نادي الأهلي الذي بصدد بناء ملعب بمواصفات عالمية بموارده الذاتية، أو الأندية الأوروبية التي تتولى تمويل ملاعبها، معتبرين أن الأندية المغربية ما زالت تسير بعقلية الهواية، بدل أن تتحول إلى مؤسسات رياضية ترفيهية ذات مردودية اقتصادية حقيقية.

مقالات ذات صلة