رغم الجهود المبذولة لتنشيط السياحة الداخلية، لا يزال المغاربة يجدون صعوبة في قضاء عطلتهم داخل بلدهم، والسبب حسب مهنيين في القطاع، هو اختلالات هيكلية مزمنة تتعلق بغلاء الإيواء، والعرض السياحي غير المتوازن، بالإضافة إلى غياب أدوات دعم حقيقية مثل نظام “الشيكات السياحية” المعمول به في دول عدة.
في الوقت الذي تستفيد فيه الوجهات السياحية من تدفق كبير للسياح الأجانب والمغاربة المقيمين بالخارج بفضل الرحلات منخفضة التكلفة، فإن السائح المحلي يجد نفسه مقصيا من العروض الفندقية. إذ تشير أرقام منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى أن 97% من المغاربة يختارون الإقامة خارج الفنادق المصنفة، مقارنة بـ50% فقط في الدول الأوروبية.
ويعزو فاعلون في المجال السياحي هذا الإقبال الضعيف إلى الهوة بين القدرة الشرائية للمواطن المغربي والأسعار المرتفعة للفنادق، وهو ما يجعل عائلات كثيرة تبحث عن وجهات خارجية أرخص وأكثر تنوعا في الخدمات.
في المغرب، تمثل السياحة الدولية حوالي 78% من مداخيل القطاع، مقابل نسبة ضعيفة جدا للسياحة الداخلية، عكس ما هو معمول به في دول مثل فرنسا، حيث يشكل السياح المحليون 75% من رقم معاملات السياحة الوطنية. سنة 2024 وحدها، ارتفع عدد ليالي المبيت للسياح الأجانب بـ18%، في حين تراجع النشاط السياحي الداخلي بـ0.4%.
شراكات عمومية لإطلاق “الشيكات السياحية”
ويرى بعض المهنيين أن الوقت قد حان لإحداث آلية دعم فعالة، على رأسها إطلاق “الشيكات السياحية”، لفائدة مستخدمي القطاعين العام والخاص. هذا النظام سيتيح للموظفين مضاعفة ميزانية عطلتهم، بفضل مساهمة أرباب العمل بنسبة تصل إلى 80% من القيمة الإجمالية.
وتعتبر هذه الخطوة، إذا تم تفعيلها، وسيلة فعالة لتقوية الطلب الداخلي على المؤسسات السياحية المصنفة، ومد جسور الثقة بينها وبين السائح المغربي الذي طالما شعر بالإقصاء في بلده.
بعيدا عن الحملات الترويجية الموسمية مثل “كنوز بلادي” و”نتلاقاو فبلادنا”، يرى المتخصصون أن المغرب بحاجة إلى تطوير بنيات إيواء اقتصادية، من قبيل الفنادق ذات الثلاث نجوم، والشقق الفندقية، والنوادي السياحية الموجهة للطبقة المتوسطة، خاصة في المناطق السياحية الناشئة أو ضواحي المدن الكبرى.
هذه المشاريع، التي يمكن أن تستفيد من تحفيزات استثمارية خاصة، من شأنها أن تكسر طابع الموسمية الذي يميز وجهات مثل الجهة الشرقية، التي لا تستقبل الزوار إلا في أشهر محدودة من السنة.
ويختم أحد المهنيين حديثه بالتأكيد على أن الوصول إلى نسبة 50% كسياحة داخلية من إجمالي النشاط السياحي في أفق سنة 2030، لن يتحقق إلا بإعادة هيكلة العرض، وتوجيه السياسات العمومية لدعم الإيواء الاقتصادي المستدام.
يسعدني تلقي رسائلكم على: ayoub.anfanews@gmail.com