لم يعد ملف التلاعب في التصاميم الهندسية مجرد شبهة، بل تحول إلى قضية مفتوحة أمام العدالة، بعدما قرر قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، مساء الثلاثاء، متابعة منعش عقاري بارز بجهة البيضاء-سطات وابنه في حالة سراح، على خلفية تحقيق معقد يحبس الأنفاس.
وحسب ما كشفته مصادر خاصة لجريدة “آنفا نيوز”، فقد أمهل المشتبه فيهما أسبوعا واحدا فقط من أجل أداء الكفالة المالية التي حددتها المحكمة، مع اتخاذ تدبير احترازي صارم تمثل في إغلاق الحدود في وجهيهما إلى حين انتهاء التحقيقات، ما يعني منعهما من مغادرة التراب الوطني خلال هذه الفترة الحساسة.
المثير في هذه القضية أن الملف لا يهم فقط المنعش العقاري وابنه، بل امتد ليشمل أسماء وازنة في المشهد السياسي والإداري بالدار البيضاء، من ضمنهم برلماني معروف عن حزب العدالة والتنمية، خضع قبل عام لتحقيق معمق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، قبل أن يقرر القضاء اليوم حفظ الشكاية الموجهة ضده.
نفس القرار شمل أيضا رئيس مقاطعة سابق وموظفا جماعيا سابقا ومساعد مهندس معماري، بعد أن تبين، وفق ذات المصادر، أن الأدلة التي جمعت خلال البحث التمهيدي لم تكن كافية لتوجيه اتهامات مباشرة لهم. تقارير الفرقة الوطنية، رغم دقتها، لم تقنع قاضي التحقيق بوجود تورط صريح من هؤلاء المسؤولين.
هذه القضية، التي بدأت بمحضر رسمي أعدّته الشرطة القضائية، ومرت بمسار طويل من الإحالة من محكمة الاستئناف نحو النيابة العامة بالعين السبع، ثم إلى قاضي التحقيق، لا تزال تثير اهتمام الرأي العام المحلي والوطني، خاصة بعد أن بدأت تظهر فيها أسماء منتخبين حاليين وسابقين ومسؤولين عقاريين كبار.
الملف، وإن شطبت منه بعض الأسماء، ما زال مفتوحا على كل الاحتمالات. فالتحقيقات لا تزال مستمرة، والأوراق لم تقلب كلها بعد، والشارع البيضاوي يترقب ما ستؤول إليه هذه القضية، التي كشفت جانبا آخر من هشاشة الرقابة على قطاع حساس مثل التعمير والعقار، حيث تتقاطع فيه المصالح السياسية والمالية.