لم يكن يتوقع أحد رعاة الغنم بدوار تاركانت أن يتحول يوم 20 يوليوز 2025 إلى لحظة فاصلة بين الحياة والموت، بعدما باغتته أفعى من نوع “قرناء الصحراء” بلدغتها السامة على مستوى رجله أثناء قيامه برعي أغنام صديقه في محيط الدوار.
ورغم خطورة الإصابة، ظل المواطن المصاب ملقى بجانب الطريق تحت أشعة الشمس الحارقة، دون أن تبادر أية جهة إلى إسعافه، إلى أن صادف مرور أحد ساكنة الدوار بدراجته النارية، الذي تكفل بنقله لمسافة تقارب 11 كيلومترا إلى مركز الجماعة أملا في طلب سيارة إسعاف.
“مصل غير موجود” و”سيارة إسعاف معطلة”.. وقصة راعٍ بين الحياة والموت
غير أن صدمة المرافق كانت كبيرة، حين واجه رئيس الجماعة ببرود شديد مطلبهم المشروع بالرفض، معلنا – بحسب المصدر – أن الجماعة لا تتوفر على سيارة إسعاف، وأضاف بجفاف: “ما عندي ماندير ليك، سير فـ الطاكسي”.
ورغم تعاظم خطورة الوضع الصحي للمصاب، ظل دون أي تدخل رسمي لما يزيد عن ساعة من الزمن، قبل أن تتدخل جمعية بدوار إدولسطان التي وفرت سيارة إسعاف أقلته نحو المستشفى الإقليمي بطاطا.
لكن رحلة المعاناة لم تتوقف هناك، فالمستشفى المحلي لم يكن يتوفر على المصل المضاد للسم، ما اضطر إلى نقل المصاب على وجه السرعة نحو المستشفى الجهوي بأكادير، حيث دخل في غيبوبة قبل وصوله، وهو الآن يرقد داخل مصلحة العناية المركزة في وضعية حرجة للغاية.
مصادر محلية موثوقة كشفت عن مفارقة خطيرة، حيث تم في فترات سابقة نقل مرضى من دوار أقا إيغان إلى أكادير عبر سيارة المصلحة التابعة للجماعة نفسها، رغم أن حالاتهم كانت أقل خطورة بكثير، ما يطرح تساؤلات جدية حول معايير الانتقائية التي تتحكم في تحركات هذه السيارة.
عائلة الضحية لم تخف مشاعر الغضب، حيث اعتبرت أن ما حدث هو نموذج صارخ لـ”الحكرة” والتقصير الفادح في أداء الواجب، وعبرت عن استيائها من “اللامبالاة” التي أظهرها رئيس الجماعة تجاه حياة مواطن، في وقت تركت فيه سيارة الإسعاف الجماعية معطلة منذ أكثر من شهرين دون أي مجهود لإصلاحها.
وتعيد هذه الواقعة إلى الواجهة الإشكالات العميقة المرتبطة بتدبير قطاع الإسعاف القروي، والهوة الفاصلة بين الشعارات المرفوعة والواقع المرير الذي يواجهه المواطنون في أبسط حقوقهم: الحق في الحياة والكرامة.


