ينبض شمال شرق المغرب هذه الأيام على وقع مشروع ضخم من شأنه أن يعيد رسم الخريطة اللوجستيكية للمنطقة، ويضع الناظور على خط التنافس العالمي في الربط البحري والبري. الحديث هنا عن الطريق السيار جرسيف – الناظور، الذي يشكل دعامة مركزية لربط ميناء الناظور غرب المتوسط بالشبكة الوطنية للطرق السريعة.
هذا المشروع، الممتد على مسافة 105 كيلومترات، ليس مجرد طريق، بل محور اقتصادي استراتيجي، قسم تنفيذه إلى ثلاث مقاطع رئيسية: الأولى بين جرسيف وصاكا بطول 36,5 كلم، والثانية من صاكا إلى الدريوش على مسافة 40,5 كلم، والثالثة من الدريوش إلى مشارف الناظور بـ27 كلم. ويتكون المشروع برمته من 8 أشطر كبرى.
آخر المعطيات الرسمية، التي حصلت عليها جريدة “آنفا نيوز”، تفيد بأن الشطر الأقرب إلى الناظور (المقطع الثالث) بلغ 50% من نسبة التقدم في الأشغال إلى حدود ماي 2025. أما المقطع الثاني الرابط بين صاكا والدريوش، فقد دخل مرحلة الحسم، حيث جرى اختيار 9 شركات مؤهلة لتنفيذ الأشغال، بعد عملية انتقاء أولي قادتها الشركة الوطنية للطرق السيارة.
تنافس مغربي صيني على الفوز بمناقصة المقطع الثاني
القائمة النهائية شملت أسماء معروفة في السوق الوطنية والدولية، من بينها شركات مغربية مثل “ستابور”، “بيوي أشغال”، “مجموعة مجازين”، إضافة إلى تكتلات مغربية صينية، وشركات صينية بالكامل، أبرزها “China Road and Bridge Corporation”.
المقطع الثاني سينجز على ثلاث مراحل (أو قطع أشغال)، تبدأ من النقطة الكيلومترية 0 إلى حدود الكيلومتر 40، بتقسيم تقني محكم يسهل تتبع الأشغال وتوزيع المهام على الشركات المتنافسة.
جدير بالذكر أن المساحات الأرضية المخصصة للأشغال تم تحريرها بالكامل في المقطعين الأول والثاني، وهو ما يمنح أفضلية للبدء الفوري عند الإعلان عن الفائزين بالعقود.
وتأتي هذه الدينامية في إطار مشروع عملاق تبلغ تكلفته 7,9 مليار درهم، بتمويل مشترك بين المغرب وبنك التنمية الإفريقي، حيث تساهم المؤسسة المالية القارية بمبلغ 246 مليون أورو، منها 46 مليون عبر الصندوق الإفريقي للنمو المشترك.
بنية الطريق السيار تتضمن 4 محاور تبادل رئيسية: تقاطع مع الطريق السيار تازة – وجدة، تقاطع مع الطريق الجهوية 512 بـ صاكا، نقطة التقاء بالطريق الوطنية 2 في الدريوش، ثم نقطة الوصول النهائية قرب الميناء الجديد الناظور غرب المتوسط عند الطريق الوطنية 16.
ويشمل المشروع 15 منشأة فنية كبرى، وعمليات ضخمـة تتضمن تحريك أكثر من 30 مليون متر مكعب من التربة، إلى جانب إقامة محطات أداء واستراحات لراحة المسافرين، وجسور لتسهيل التنقل بين الضفتين.