عاش المغاربة خلال الأسبوعين الأخيرين على وقع موجة حر غير اعتيادية طالت معظم أرجاء البلاد، وامتدت لفترة أطول مما اعتاده المواطنون في فصل الصيف. فالمناطق الوسطى والجنوبية والسهول الداخلية كانت الأكثر تأثرا، غير أن المفاجأة الكبرى تمثلت في وصول الحرارة المفرطة حتى إلى السواحل الأطلسية التي غالبا ما تتميز بمناخ معتدل.
حسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، أوضح أن هذه الظاهرة المناخية لم تكن عادية، إذ تجاوزت المعدلات المعتادة بفوارق تراوحت بين 3 و13 درجات مئوية يوم 17 غشت 2025. وكانت السهول الداخلية والمرتفعات الوسطى أكثر المناطق تضررا، فيما سجلت الدار البيضاء وآسفي والصويرة ارتفاعات تراوحت بين 5 و8 درجات فوق المعدل بسبب ضعف تأثير نسيم البحر وتوغل الهواء القاري الحار.
19 مدينة مغربية تتجاوز 40 درجة وموجة حر استثنائية مستمرة
في ذروة هذه الموجة، سجلت محطتا سيدي سليمان والسمارة 47 درجة مئوية، بينما تخطت 19 مدينة أخرى حاجز 40 درجة. لكن محطة العيون دخلت التاريخ يوم 9 غشت بتسجيلها 49.2 درجة، وهو رقم قياسي جديد فاق الرقم المسجل سنة 2016 والمحدد في 47 درجة.
ويرجع خبراء الأرصاد هذا الوضع إلى هيمنة ظاهرة “الشرگي” المرتبطة بتعزيز المرتفع شبه المداري فوق شمال إفريقيا، إضافة إلى نشاط المنخفض الحراري الصحراوي الممتد نحو المملكة، ما أتاح صعود كتل هوائية ساخنة وجافة من عمق الصحراء الكبرى. وزاد من شدة هذه الموجة تأثير رياح “الفوين” على السفوح الغربية للأطلس والريف، مع غياب شبه تام للسحب، الأمر الذي ضاعف من التسخين النهاري. ونتيجة لذلك، تراوحت الحرارة القصوى يوم الأحد بين 38 و47 درجة، أي أعلى بكثير من المعدلات الفصلية المعتادة.
وبخصوص التوقعات، تشير المديرية إلى استمرار الأجواء الحارة اليوم في السهول الداخلية الشمالية والوسطى، الريف، الشمال الشرقي وداخل الأقاليم الجنوبية، حيث ستتراوح الحرارة بين 42 و47 درجة في مناطق مثل سايس والغرب وتانسيفت وتادلة وسوس. كما يرتقب ظهور زخات رعدية محلية بمرتفعات الأطلس والريف، فضلا عن سحب منخفضة وضباب على السواحل خلال الليل والصباح.
اعتبارا من الثلاثاء 19 غشت، ينتظر أن تبدأ كتلة هوائية بحرية غربية في التوغل تدريجيا لتخفف من حدة الحر على مستوى الشمال والوسط، فيما سيظل الطقس حارا نسبيا بالجنوب والجنوب الشرقي. ومع نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل، يرتقب تسجيل انخفاض ملحوظ مع أجواء معتدلة بالداخل الشرقي والجنوب الشرقي، مع احتمال تشكل سحب غير مستقرة ترافقها زخات رعدية محلية بمرتفعات الأطلس وأقصى الجنوب.