في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل التي تهز الرأي العام الفرنسي، يقف زوجان فرنسيان، يدرسان الموسيقى ويعرفان بارتباطهما الروحي الوثيق، أمام المحكمة في مدينة بوردو، بتهمة تهديد حياة ابنهما ذي الخمس سنوات، بعد أن اشتبهت السلطات في نواياهما بتنفيذ طقس طقوسي غامض في الصحراء المغربية.
تفاصيل القضية تعود إلى أواخر عام 2023، حينما ألقت عناصر الحرس المدني الإسباني القبض على الزوجين في ميناء “الجزيرة الخضراء”، لحظات قبل صعودهما إلى باخرة متجهة نحو ميناء طنجة، وكانا على متن سيارة رباعية الدفع اقتنياها خصيصا لهذا “السفر الطويل”، بعدما قاما بتأجير شقتهما في مدينة كاركان الفرنسية، دون تحديد تاريخ للعودة.
التحقيقات انطلقت بعد بلاغ تقدمت به قريبة للعائلة، عبرت فيه عن قلقها البالغ بسبب تصريحات مقلقة صدرت عن الأب، أفاد خلالها بأنه ينوي “التضحية” بابنه في صحراء المغرب لأنه يعتقد أن “شيطانا يسكن جسده”.
ورغم نفي الزوجين لكل التهم الموجهة إليهما، وتمسكهما بأن الرحلة كانت بهدف الاستقرار مجددا في المغرب الذي سبق لهما زيارته قبل عامين، إلا أن المحققين وجدوا أنفسهم أمام مجموعة من المؤشرات التي تضعهما تحت طائلة الشبهة، منها خلفيتهما الفكرية “المعادية للمؤسسات” وتعلقهما بمفاهيم روحية ومعتقدات خارجة عن المألوف.
خبراء نفسيون يؤكدون تعرض الطفل لـ”غسيل دماغ”
وتؤكد محامية الأم، التي أفرج عنها بشروط، أن ما وقع هو “سوء فهم”، مشيرة إلى أن موكلتها كانت فقط تبحث عن أسلوب حياة مختلف مع عائلتها. من جهتها، شددت محامية الأب على غياب أي أدلة ملموسة على وجود نية لإيذاء الطفل، واصفة موكلها بأنه “شخص غريب الأطوار لكنه غير عنيف”، ولا ينتمي لأي تنظيم ديني متطرف.
بالمقابل، قدمت محامية تمثل الطفل – الذي أصبح في عهدة جديه من جهة الأم – رواية مختلفة تماما،.. إذ نقلت عن خبراء نفسيين تأكيدهم تعرض الصبي لـ”غسيل دماغ”،.. وكان يردد عبارات غريبة حول “الخوف” و”إزالة الثعبان من الداخل”،.. في دلالة على حجم التأثير العقائدي الذي مورس عليه.
وأشادت المحامية بالدور الكبير الذي بذله الأجداد لإعادة تأهيل الطفل،.. مؤكدة أنه بدأ يتخلص تدريجيا من الخوف والاضطرابات التي سببتها التجربة،.. لكنها شددت في الوقت ذاته على ضرورة صدور حكم يدين الأب والأم ويعترف بالضرر النفسي العميق الذي لحق بالطفل.