سوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، وبين رائحة الأفوكادو الطازج وهمسات التجار المتعجلين، كانت شاحنة تقف بهدوء قاتل. لا شيء يثير الريبة في مظهرها الخارجي، إلا أن رجال الأمن كان لهم رأي آخر… فقد كانت تحمل في جوفها أكثر من مجرد فاكهة استوائية.
عملية أمنية محكمة، نسجتها يقظة العيون التي لا تنام، أسفرت عن إحباط محاولة تهريب كمية كبيرة من الكوكايين عالي التركيز،.. خبئت بدهاء وسط حمولة فاكهة، قادمة من ما وراء المحيط. محاولة لتمويه السم وسط النعمة، انتهت بمشهد هادئ لكنه صاعق،.. لم يسمع فيه سوى صفارات الإنذار وهمسات الدهشة.
العملية الأمنية لم تكن وليدة صدفة،.. بل ثمرة تحريات دقيقة ومراقبة ميدانية استباقية، بدأت منذ أن غادرت الشاحنة ميناء طنجة، قادمة من أمريكا اللاتينية، متخفية تحت عباءة التجارة الشرعية.
بأيد هادئة وأعصاب من حديد، طوقت العناصر الأمنية الشاحنة، واعتقلت سائقها وعدا من المشتبه في تورطهم في العملية، دون إثارة الفوضى أو تهديد حياة المواطنين. وبتعليمات من النيابة العامة، انطلقت مرحلة جديدة من التحقيقات، لاكتشاف خيوط الشبكة الإجرامية، وامتداداتها داخل وخارج الوطن.
لكن الحدث لم يتوقف عند هذا الحد. فقد وجهت أصابع الاتهام من قبل جهات نقابية إلى إدارة سوق الجملة،.. محملة إياها مسؤولية ضعف المراقبة. انتقاد قوبل بتوضيح من داخل الإدارة،.. التي أكدت أن الشاحنة كانت تحت رادار التتبع الأمني منذ البداية، في إطار تنسيق محكم مع المصالح المختصة.