في واحدة من أبرز قضايا الاحتيال الإلكتروني المرتبطة بمنصات التواصل الاجتماعي في ألمانيا، أدانت محكمة دوسلدورف الإقليمية يوم الأربعاء 16 يوليوز 2025 شابا يلقب بـ”عبد الحميد”، وهو مؤثر واسع الانتشار على تطبيق “تيك توك”، بالسجن ثلاث سنوات نافذة، بعد تورطه في عملية احتيال واسعة النطاق تجاوزت قيمتها نصف مليون يورو.
تبرعات باسم العمل الخيري تنتهي في ساعات فاخرة وسيارات
المدان، الذي اشتهر بمظهره الرياضي ولهجته الحميمية، اعتاد تقديم محتوى ديني يوصف بالسلفي المتطرف من قبل جهاز حماية الدستور بولاية شمال الراين-ويستفاليا، حيث يحظى بمتابعة مئات الآلاف من المتابعين على “تيك توك” و”إنستغرام”. غير أن خلف هذه الصورة، كانت تجري عمليات جمع تبرعات متكررة بذريعة دعم مشاريع إنسانية، لكن معظمها ذهب لتمويل حياة مترفة.
التحقيقات كشفت أن “عبد الحميد” نفذ ما لا يقل عن 37 حملة لجمع الأموال بين عام 2021 وأكتوبر 2024، لم يستخدم منها سوى جزء ضئيل في الأغراض المعلنة. أما الباقي، فتم توجيهه لشراء سلع فاخرة، شملت ساعات يد راقية، سيارات، وحقائب نسائية من علامات شهيرة، بالإضافة إلى 20 ألف يورو نقدا صودرت بحوزته.
القضية لم تقتصر عليه فقط، إذ قضت المحكمة كذلك بسجن زوجته 21 شهرا مع وقف التنفيذ، بعدما تبين أنها ساهمت في استقبال التبرعات من خلال حسابات مصرفية فتحت خصيصا لهذا الغرض. كما شملت دائرة التحقيق حسابات بنكية لشقيقته وصديقة له، استخدمتا بدورهما لتلقي أموال التبرعات.
ورغم خطورة الوقائع، فإن المحكمة اعتبرت اعتراف المتهم وزوجته منذ المراحل الأولى من التحقيق عنصرا مخففا، خصوصًا بعد موافقتهما على صفقة قضائية خففت من مدة الحكم. في المقابل، كان الادعاء قد طالب بعقوبة أشد، تصل إلى ثلاث سنوات وتسعة أشهر، واصفا الجريمة بـ”المشينة”، لما تضمنته من استغلال فج للثقة تحت غطاء العمل الخيري.
ولا تزال الأحكام الصادرة غير نهائية، إذ من المنتظر أن يحسم الملف بشكل نهائي بعد انتهاء مساطر الاستئناف أو الطعن، ما يترك الباب مفتوحا أمام تطورات جديدة.
القضية أثارت ضجة في الأوساط الألمانية، خصوصا لما تسلطه من ضوء على ظاهرة المؤثرين الذين يقدمون أنفسهم بلبوس ديني، بينما يستغلون شبكات التواصل لتحصيل أموال طائلة دون حسيب أو رقيب، مستغلين ضعف الوعي الرقمي لدى بعض الفئات الاجتماعية.