وسط أجواء من الترقب والحزن، تفتح المحكمة الزجرية الابتدائية بمدينة برشيد اليوم الاثنين ملف حادث دهس الطفلة “غيثة”، التي تحولت قصتها خلال الأيام الماضية إلى قضية رأي عام هزت مشاعر المغاربة وأثارت سخطا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
المتهم، وهو شاب في بداية العشرينات من العمر، يقبع حاليا رهن الاعتقال الاحتياطي بعد أن رفضت المحكمة خلال الجلسة السابقة طلب الإفراج المؤقت الذي تقدم به دفاعه. وتعود تفاصيل الواقعة إلى يوم الأحد 15 يونيو، حينما كانت الطفلة، التي لا تتجاوز الأربع سنوات، تستمتع بعطلتها رفقة أسرتها القادمة من إيطاليا، على رمال شاطئ سيدي رحال، قبل أن تدهسها سيارة رباعية الدفع من نوع “توارك” كانت تجر خلفها دراجة مائية “جيتسكي”.
الحادث وقع أمام أعين المصطافين، في مشهد وصفه البعض بـ”الصادم والمروع”، خصوصا وأنه يعكس مظاهر الفوضى التي تعيشها عدد من شواطئ المملكة، حيث تترك السيارات الفارهة تجوب الشواطئ دون حسيب أو رقيب، رغم تواجد عائلات وأطفال بأعداد كبيرة تزامنا مع حرارة الصيف.
والد الطفلة “غيثة”، خرج عن صمته ليطمئن الرأي العام، مؤكدا أن حالة ابنته في تحسن، بعدما غادرت قسم العناية المركزة، عقب خضوعها لعملية دقيقة على مستوى الرأس. وفي منشور على حسابه بموقع “فيسبوك”، شدد الأب على أن القضية تسلك مجراها القانوني، نافيا بشكل قاطع ما تم تداوله بشأن فرار السائق، أو ما نسب له من عبارات استفزازية، مضيفا أن أحد أقرباء المتهم هو من زارهم بالمصحة ولم تكن هناك أي إساءة.
الأب حذر أيضا من صفحات تنتحل اسمه لطلب مساعدات مادية، مؤكدا أنه لم يلجأ لأي طلب بهذا الشكل، داعيا المتابعين إلى توخي الحذر من حملات التبرع الوهمية.
أنظار المغاربة تتجه نحو العدالة لضمان أمن شواطئهم
قضية “غيثة” سلطت الضوء مجددا على إشكالية الأمن والسلامة داخل الشواطئ المغربية، حيث طالب عدد كبير من النشطاء بفتح تحقيق معمق في هذه الحادثة التي وصفوها بـ”الجريمة الشاطئية”، وبضرورة تحميل المسؤولية للجهات التي تسمح بولوج المركبات إلى فضاءات يفترض أن تكون آمنة للترفيه العائلي، لا ساحات للمخاطرة بحياة الأطفال.
كما تعالت دعوات لمراجعة القوانين المؤطرة للأنشطة الشاطئية، ووضع حد نهائي لما سمي بـ”فوضى الجيتسكي وسيارات الترفيه”، والتي تحول الشواطئ إلى فضاءات مفتوحة للموت بدل الراحة.
اليوم، ومع انطلاق المحاكمة، تتجه أنظار المتابعين إلى ما سيقرره القضاء في هذا الملف الحساس، في وقت يواصل فيه المغاربة التعبير عن تضامنهم المطلق مع الطفلة وأسرتها، مطالبين بأن تكون هذه القضية نقطة تحول في التعاطي مع مظاهر الاستهتار بأرواح الأبرياء على شواطئ المملكة.