يواجه القطيع الوطني المغربي تحديات جسيمة بسبب موجات الجفاف المتتالية التي أثرت بشكل مباشر على أعداد الأبقار والأغنام والماعز في المملكة. في هذا السياق، أجرى قطاع الفلاحة بالمغرب، مع نهاية سنة 2024، إحصاء شاملا للثروة الحيوانية لرصد حجم الأزمة وتحديد الحلول الممكنة.
تراجع خطير في عدد إناث المواشي المنتجة
تشير التقديرات الأولية، وفقا لبيانات رسمية حصل عليها موقع “آنفا نيوز”، إلى أن القطيع الوطني شهد انخفاضًا حادا بنسبة 38% مقارنة بسنة 2016. ويعود السبب الرئيسي وراء هذا التراجع إلى سبع سنوات متتالية من الجفاف التي أرهقت الفلاحين وأضعفت المراعي الطبيعية. الأكثر خطورة هو تراجع أعداد الإناث المنتجة من 11 مليون رأس إلى 8.7 ملايين رأس فقط، مما يشكل تهديدا مباشرا لقدرة القطيع على التجدد ومواكبة الطلب المحلي.
في الظروف العادية، تستقبل المجازر الخاضعة لمراقبة السلطات الصحية ما يقارب 3.5 ملايين رأس من الأغنام والماعز سنويا، إلى جانب قرابة مليون رأس تذبح خارج هذه المجازر في مناسبات اجتماعية مثل الأعراس والاحتفالات الدينية. غير أن الأرقام الحالية تكشف عن تراجع مذهل، حيث لم تعد المجازر تستقبل سوى 1.5 مليون رأس فقط، وهو ما يقل عن النصف مقارنة بالفترات السابقة.
عيد الأضحى: تهديد لاستدامة القطيع؟
يمثل عيد الأضحى أحد أكبر الفترات التي تشهد طلبا مرتفعا على الأضاحي،.. حيث تتراوح الحاجة السنوية بين 5.5 و6 ملايين رأس،.. ما يعني أن المملكة تحتاج لما يقارب 10 ملايين رأس سنويا لتغطية الطلب الاستهلاكي العام إلى جانب الأضاحي. لكن المعطيات الميدانية تكشف عن عجز صارخ، حيث لا يتوفر سوى 3 ملايين رأس فقط يمكنها تلبية الطلب،.. وهو ما دفع الجهات المعنية إلى دق ناقوس الخطر.
قرار إلغاء عيد الأضحى لهذا العام لم يكن اعتباطيا، فلو تم المضي في عمليات الذبح كما هو معتاد،.. لكان الأمر سيتطلب التضحية بعدد هائل من الإناث المنتجة،.. وهو ما كان سيؤدي إلى كارثة على المدى البعيد، تقوض مستقبل القطاع الفلاحي في المغرب.
جدير بالذكر أن الملك محمد السادس دعا، بتاريخ 26 فبراير الماضي،.. المغاربة إلى الامتناع عن نحر الأضاحي هذا العام، في خطوة تهدف إلى حماية القطيع الوطني من الانهيار،.. وإفساح المجال لاستعادة التوازن في أعداد المواشي، حتى لا تتفاقم الأزمة أكثر في السنوات القادمة.