لم يكن زكرياء، الشاب المغربي البالغ من العمر 29 سنة، يتصور أن عمله البطولي في شوارع تورينو الإيطالية سيتحول إلى بداية سقوطه. ما فعله كان بسيطا وإنسانيا: تدخل بشكل تلقائي لمساعدة رجال الشرطة في القبض على لص يحاول سرقة متجر. لكن لحظة الشجاعة تلك جرت عليه ما لم يكن في الحسبان.
أثناء الواقعة، وبعد السيطرة على المشتبه فيه، قررت الشرطة إجراء تفتيش روتيني لزكرياء، كشف أنه لا يحمل أوراق إقامة قانونية، ولا يوجد له أثر في سجلات الدولة الإيطالية. وهكذا، وبدل أن ينال الشكر والتقدير، تم التعرف عليه كمهاجر “غير نظامي”، وأحيل ملفه فورا إلى سلطات الهجرة.
الشاب المغربي الذي وصل إلى إيطاليا قبل أقل من سنة، قادما من إسبانيا عبر فرنسا، لم يكن يعيش في رفاه. عمل في أسواق مؤقتة، في ظروف غير رسمية، وسكن مؤقتا مع زميل في العمل. ومع ذلك، تصرف بشهامة عندما احتاجته الشرطة.
لكن يوم 7 ماي الجاري، وصله قرار موجع: “غادر البلاد”. رسالة قصيرة، لكنها حملت معنى الخيانة في أعين زكرياء. فبدل أن يكافأ على إنقاذه الأمن من جريمة، وضع على قائمة الترحيل.
تصرف السلطات أثار موجة استنكار في الأوساط الحقوقية والجمعوية، خاصة أن زكرياء لم يكن مجرما أو خطرا، بل مواطنا صالحا اختار الوقوف بجانب القانون. اليوم، يتساءل بمرارة: هل كان من الأفضل أن أشيح بوجهي بدل أن أمد يدي؟


