كشفت مدينة الدار البيضاء عن مشروعها الطموح لتطوير حي المعاريف، حيث أعلنت عن انطلاق مرحلة البحث العلني للخطة الجديدة للتهيئة التي ستحدد ملامح هذا الحي الاستراتيجي للسنوات العشر المقبلة. ويأتي هذا المخطط، الذي بدأ العمل به في 11 شتنبر 2025، خلفا للمخطط القديم الذي انتهت صلاحيته في 2024.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها “آنفا نيوز”، فإن المخطط الجديد يأتي كاستمرارية لمسار سابقه، مع تعديلات طفيفة تهدف إلى تحسين الأداء الحضري للحي. التحدي الأكبر يكمن في الكثافة السكانية الكبيرة وندرة الأراضي المتاحة، وهو ما جعل المخطط يحافظ على معظم التقسيمات القائمة. فقد تم الإبقاء على مباني R+5 في وسط المعاريف مع السماح بالمحلات التجارية والمكاتب والفنادق في الطابق الأرضي. كما حافظ حي بالمييه على طابعه المختلط بمباني R+4، فيما بقيت منطقة المعاريف إكستنشن محافظة على منطقة الفيلات شمال شارع ابن سينا.
لكن التغييرات الرئيسية تتركز في نقاط محددة. ففي منطقة درب غلف، تم تحويل السوق القديم من منطقة سكنية R+6 إلى “مرافق عمومية” دون تحديد طبيعتها، مع الإبقاء على إمكانية بناء مبان R+6 في الجانب المطل على شارع بئر انزران. أما بالقرب من المركب الرياضي محمد الخامس، فقد تم إخضاع المباني التاريخية التابعة لقدماء القوات المسلحة الملكية لمشروع يهدف إلى الحفاظ على طابعها التراثي.
كما يشمل المخطط تحويل منطقة بين شارع العربي الدغمي وشارع غاندي من منطقة فيلات إلى منطقة سكنية R+3. وفي شارع عبد المومن، تم تحديد مناطق حضرية جديدة بارتفاعات متغيرة تصل إلى تسعة طوابق بعد شارع الزرقطوني.
تجديد شامل وحماية للتراث
في درب غلف، سيتم تنفيذ مشروع تجديد حضري شامل، يهدف إلى تحسين جودة حياة السكان وتطوير الخدمات. يشمل المشروع إنشاء مرافق وخدمات عامة، وتوسيع المساحات الخضراء، بالإضافة إلى بناء مبان جديدة للتجارة والخدمات. هذا المشروع سيتولى إدارته لجنة مختلطة برئاسة والي الدار البيضاء.
ولم يغفل المخطط الجديد الجانب الجمالي والمعماري. فقد وضع شروطا صارمة للمباني الجديدة، مثل استخدام ألوان فاتحة كالأبيض والكريمي، ومنع تركيب الهوائيات على الواجهات، مع ضرورة تركيبها على الأسطح بمسافة لا تقل عن ثلاثة أمتار. كما يفرض المخطط على المباني المجاورة للمعالم التاريخية أن تتناغم مع طابعها المعماري، دون تقليده، بهدف الحفاظ على هوية المدينة.
وفي خطوة مبتكرة، يشجع المخطط على استخدام الطاقة المتجددة، ويسمح بزيادة ارتفاع المباني التي تطبق معايير الكفاءة الطاقية. كما يحظر أي نشاط يشكل خطرا على السكان (مثل الحرائق أو الانفجارات) أو يسبب إزعاجا (الضوضاء، الدخان، الروائح)، مع إلزام أي أرض استخدمت في أنشطة خطرة بالحصول على “شهادة قبول بيئي” قبل إعادة تأهيلها.