شهد صيف العام الماضي نشاطا ملحوظا في حركة السفر بين المغاربة، سواء داخل البلاد أو خارجها، حيث تنوعت وجهات العطلات وتعددت أساليب التخطيط. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة “سونيرجيا” أن مدينة طنجة تصدرت قائمة الوجهات الأكثر تفضيلا للسياح المغاربة. ووفقا للنتائج، أشار 38% من المشاركين إلى أن طنجة هي وجهتهم المفضلة، تلتها مراكش بنسبة 33%، ثم أكادير بـ26%، تطوان 22%، الدار البيضاء 12%، الرباط 10%، والحسيمة بنسبة 9%.
على الصعيد الدولي، أشارت الدراسة إلى أن أوروبا تتصدر خيارات المغاربة للسفر الخارجي، نظرا لقربها الجغرافي والروابط الثقافية المشتركة. إذ حلت إسبانيا في المرتبة الأولى بنسبة 29%، متبوعة بفرنسا التي اختارها 27% من المشاركين، بينما جاءت إيطاليا وتركيا في المراتب التالية بنسبة 17% و15% على التوالي، وألمانيا (9%). ومن جهة أخرى، لم يغفل المغاربة عن السفر إلى المملكة العربية السعودية، حيث شكلت العمرة والحج دافعا رئيسيا للسفر إلى هناك بنسبة 9%.
إقرأ أيضا: هل تقتل الأسعار المرتفعة السياحة الداخلية في المغرب؟ استياء واسع على وسائل التواصل
وتبين الدراسة أيضا أن أساليب التخطيط للعطلات تختلف بشكل واضح بين السفر الداخلي والخارجي. ففي العطلات المحلية، يميل غالبية المغاربة إلى عدم الحجز المسبق، إذ قام 72% بترتيب إقامتهم عند الوصول، بينما لجأ 9% فقط إلى الحجز عبر مواقع الفنادق الإلكترونية، و7% استخدموا منصات حجز إلكترونية مثل “Booking”.
وبالنسبة للسفر إلى الخارج، أظهر البحث أن 85% من المشاركين لم يقوموا بحجز إقامة مسبقة. أولئك الذين يختارون الحجز يفضلون القيام بذلك عبر مواقع الفنادق (27%) أو عبر منصات مثل Booking ووكالات السفر بنسبة 21%.
لماذا يتزايد عدد المغاربة الذين يفضلون قضاء عطلتهم في الخارج؟
إلى جانب تفضيلات الوجهات التي كشفت عنها الدراسة، يبرز تحد كبير يواجه قطاع السياحة الداخلية في المغرب،.. وهو غلاء الأسعار مقارنة بجودة الخدمات المقدمة. كثير من المغاربة يرون أن تكلفة السياحة داخل البلاد لا تتناسب مع الإمكانيات المتاحة،.. مما يدفع شريحة واسعة من السكان إلى تفضيل السفر إلى الخارج، حيث يمكنهم الحصول على خدمات أفضل بأسعار أقل. هذا الغلاء، بالإضافة إلى عدم وجود اهتمام كاف من قبل وزارة السياحة المغربية لتطوير السياحة الداخلية بشكل مستدام، يتسبب في تفويت فرص ذهبية على المغرب للاستفادة من القوة الاقتصادية للسياحة الداخلية.
غياب الاستراتيجية الواضحة لتعزيز السياحة المحلية، من خلال تحسين البنية التحتية وتقديم عروض تنافسية،.. يؤدي إلى نزيف مستمر للعملة الصعبة. ملايير الدولارات تغادر البلاد سنويا،.. نتيجة توجه المغاربة إلى وجهات سياحية خارجية تقدم خدمات بأسعار معقولة مع جودة أعلى. بينما يمكن أن يكون الاستثمار في السياحة الداخلية حلا فعالا للحد من هذا الخروج المكثف للعملة الصعبة،.. وتوجيهه نحو تحفيز الاقتصاد المحلي.
ولعل هذا الأمر يستدعي تدخلا عاجلا من وزارة السياحة، من خلال مراجعة سياساتها وابتكار برامج تشجيعية للسياحة الداخلية. ذلك يشمل تقديم حوافز مالية وتطوير خدمات سياحية تلبي تطلعات العائلات المغربية ذات الدخل المتوسط،.. وتحسين التسويق والترويج للمناطق السياحية الداخلية لتكون منافسة لوجهات خارجية تجذب المغاربة بشكل متزايد.