في صباح الجمعة الماضي، انهار الجدار الذي لطالما احتمى خلفه “حزب الله” وأمينه العام حسن نصر الله، الذي كان لسنوات رمزا للمقاومة ضد إسرائيل. اغتيال نصر الله داخل مقر قيادة الحزب شكل صدمة كبيرة ليس فقط للحزب، بل للمنطقة بأسرها،.. خاصة أنه جاء في ذروة سلسلة ضربات دقيقة دمرت قدرات الحزب العسكرية وكشفت عن ثغرات أمنية كبيرة.
مقتل نصر الله لم يكن حدثا عابرا؛.. بل أتى بعد أسبوع واحد فقط من تفجير إسرائيل لمئات من أجهزة البيجر والوكي-توكي المفخخة التي أعدت خصيصا لتعطيل اتصالات الحزب. هذا الهجوم المنظم لم يقتصر على الاغتيال فقط،.. بل أضعف الحزب معنويا وماديا،.. مع مقتل نصف مجلس قيادته العسكرية وتدمير خطوط إمداده.
أفاد مصدر أمني مطلع أن إسرائيل أمضت عشرين عاما في بناء شبكة استخبارات مركزة على “حزب الله”،.. مكنتها من الوصول إلى نصر الله رغم التحصينات التي اتخذها بعد حرب 2006. ووفقا لمصدرين إسرائيليين،.. فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على الهجوم أثناء تواجده في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة. الهجوم استهدف نصر الله بقصف دقيق على مخبأه تحت الأرض،.. ما أدى إلى مقتله مع ثمانية من قادة الحزب العسكريين.
كانت التحركات المحدودة لنصر الله في السنوات الأخيرة توحي بأنه يدرك جيدا حجم التهديدات الموجهة له. ورغم كل الإجراءات الأمنية،.. اخترقت إسرائيل دفاعات الحزب بنجاح. ولم تقتصر الضربة على القيادة فقط،.. فقد دمرت إسرائيل في الأسبوع الماضي أكثر من 1000 هدف تابع للحزب،.. مما أدى إلى خسارة كبيرة في الترسانة الصاروخية التي لطالما اعتمد عليها الحزب في استعراض قوته.
اغتيال نصر الله يكشف هشاشة “حزب الله”
تقدر إسرائيل أن “حزب الله” خسر 20-25% من قدراته الصاروخية نتيجة للضربات المكثفة. هذا الانهيار السريع يضع الحزب في موقف لا يحسد عليه، رغم إعلانهم أن هاشم صفي الدين، ابن خالة نصر الله،.. سيخلفه.
رغم الخسائر الفادحة التي تكبدها “حزب الله”،.. فإن طهران لا تزال تقف بجانبه،.. وتخطط لإرسال مزيد من الصواريخ لتعويض ما دمرته الضربات الإسرائيلية. ومع ذلك،.. تبدو إيران غير مستعدة للتورط المباشر في صراع طويل الأمد،.. مما يزيد من عزلة “حزب الله” ويضع قيادته الجديدة أمام تحديات غير مسبوقة.
الهجوم الإسرائيلي على “حزب الله” لم يقتصر على البنية التحتية العسكرية فقط؛ بل كان بمثابة ضربة موجهة إلى معنويات الحزب وأتباعه. ورغم أن الحزب أظهر قدرته على استبدال القادة بسرعة، فإن الخسائر التي تكبدها في هذا الهجوم تبقى غير مسبوقة. يبقى التساؤل مفتوحا حول قدرة الحزب على التعافي والعودة إلى ساحة الصراع بنفس القوة التي كان يمتلكها سابقا.
الضربات الأخيرة كشفت هشاشة غير متوقعة في بنية “حزب الله”،.. وهي نتيجة قد تدفع إسرائيل إلى المزيد من العمليات الاستباقية لضمان عدم تمكن الحزب من استعادة قوته الكاملة. في المقابل، يبدو أن الحزب أمامه طريق طويل لإعادة بناء ما دمر،.. لكنه سيبقى لاعبا محوريا في المعادلة الإقليمية، وإن كان بثوب جديد ومغاير عما كان عليه في السابق.
إقرا أيضا :بابوا غينيا تؤكد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي
اغتيال نصر الله ليس مجرد حادثة اغتيال أخرى في سلسلة الصراع الإسرائيلي اللبناني. بل هو إعلان لبداية مرحلة جديدة من التحديات لـ”حزب الله”،.. الذي يجد نفسه اليوم أمام استحقاق كبير: إما أن يتمكن من التعافي واستعادة تماسكه العسكري والسياسي،.. أو أن يصبح أضعف أمام ضغوط إقليمية ودولية متزايدة.