في الوقت الذي تركز فيه الانتخابات في معظم دول العالم على تقديم البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لجذب دعم الناخبين، تتحول الانتخابات الجزائرية إلى مسرح لحملات تحريضية موجهة ضد المغرب. تعكس هذه الظاهرة نمطا مستمرا من العداء تجاه الجار الغربي، والذي يبدو أنه أصبح جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات الانتخابية في الجزائر.
في هذا السياق، تبرز حالة أنيسة بومدين، زوجة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، كرمز لهذا الاتجاه. بعد فترة من الغياب عن الأضواء منذ وفاة بومدين،.. والتي تزامنت مع غصة الجزائر في استعادة المغرب لصحرائه من الاحتلال الإسباني عام 1975، أعيدت بومدين إلى الواجهة لتشارك في الترويج لخطاب العداء التقليدي ضد المغرب. تظهر هذه العودة “العدوانية” مدى تمسك بعض الأوساط السياسية الجزائرية بمسألة الصحراء المغربية كأداة سياسية، والرغبة في استحظار رمزي لبومدين مؤسس عقيدة العداء تجاه المملكة. مما يعكس تقليدا عتيقا يتمثل في تحويل النقاش السياسي إلى حملات تحريضية.
في الانتخابات الجزائرية، لا يبدو أن هناك اهتماما جادا بالقضايا الداخلية للمواطنين. بدلا من ذلك، يستخدم المغرب كموضوع رئيسي في الحملات الانتخابية،.. حيث يتصدر جدول الأعمال ويستخدم لملء الفراغات التي تركت من النقاشات حول المشاكل الحقيقية التي يواجهها الشعب الجزائري. يتجاهل العديد من المرشحين والداعمين لحملاتهم التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها المواطنون،.. ويركزون بدلا من ذلك على الهجوم على المغرب.
هذا الاستغلال للعداء تجاه المغرب كأداة سياسية لا يقتصر على فترة الانتخابات فقط،.. بل يمتد ليصبح جزءا من الخطاب السياسي اليومي في الجزائر. تعكس هذه الظاهرة مدى التعقيد والحقد الذي تكنه النخبة السياسية في الجارة الشرقية للمغرب.
في النهاية، تبقى الانتخابات الجزائرية منبراً لعرض هذا الخطاب،.. والذي يختزل قضايا السياسة والاقتصاد إلى مجرد صراع مع جار يظل موضوعا ثابتا في الحملات الانتخابية. في الوقت نفسه، يظل المواطنون الجزائريون في انتظار حلول حقيقية لمشاكلهم الداخلية،.. بينما تستمر اللعبة السياسية في استخدام المغرب كعذر للتهرب من المسؤوليات الوطنية.
أيوب الصابري
ayoub.sabiri1989@gmail.com