في وقت كان ينتظر فيه أن يؤدي التحاق الآلاف بسوق العمل إلى خفض معدلات البطالة، كشفت معطيات رسمية حديثة أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس، حيث ارتفع عدد العاطلين بالمغرب بشكل مقلق خلال سنة 2024، متجاوزا 1,6 مليون شخص، أي بزيادة قدرها 3,7% مقارنة بالسنة السابقة.
هذه الأرقام وردت ضمن التقرير السنوي لبنك المغرب حول الوضعية الاقتصادية والمالية والنقدية، الذي قدمه والي البنك عبد اللطيف الجواهري للملك محمد السادس أول أمس الثلاثاء.
التقرير أشار إلى أن البطالة ارتفعت في كل من المجال الحضري بنسبة 3,3% لتصل إلى 1,3 مليون عاطل، وبنسبة 5,5% في القرى لتبلغ 300 ألف شخص. ويلاحظ أن الساكنة العاطلة تتكون أساسا من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، بنسبة 75,7%، كما أن الغالبية العظمى منهم (87%) من حاملي الشهادات، مقابل 52% فقط بين مجموع السكان النشيطين.
وتبين من خلال الأرقام الرسمية أن نحو نصف العاطلين عن العمل (49,3%) لم يسبق لهم أن شغلوا أي منصب، بينما 30% فقدوا وظائفهم السابقة، في حين يعاني 62,9% من العطالة منذ أزيد من سنة، مسجلين تراجعا طفيفا مقارنة بسنة 2023.
في ظل هذا الوضع، ارتفعت نسبة البطالة على الصعيد الوطني من 13% إلى 13,3%، وسجلت زيادات طفيفة أيضا في المدن (من 16,8% إلى 16,9%)، وفي القرى (من 6,3% إلى 6,8%).
البطالة تواصل الصعود بالمغرب.. النساء والشباب أكبر المتضررين
الأرقام تصبح أكثر قساوة عندما يتعلق الأمر بالنساء، حيث بلغت نسبة البطالة في صفوفهن 19,4% بعد زيادة بـ 1,1 نقطة، مقابل 11,6% لدى الرجال. أما بالنسبة للفئة العمرية بين 15 و24 سنة، فقد بلغت البطالة 36,7%، ولامست 48,4% في المدن، مما يعكس أزمة حقيقية في إدماج الشباب.
وعلى مستوى الجهات، كشف التقرير عن تفاوتات صارخة، أبرزها ارتفاع البطالة بجهات الجنوب إلى 22,2%، فيما استقرت في جهة الدار البيضاء – سطات عند 15%، وسجل انخفاض واضح في درعة – تافيلالت إلى 10,7%، وفي سوس – ماسة إلى 12,3%.
أما التشغيل الناقص، فقد عرف بدوره ارتفاعا، ليشمل 10,1% من السكان النشيطين، مقابل 9,8% السنة الماضية. هذه الظاهرة تعزى بنسبة 45% إلى ضعف الأجور وعدم ملاءمة المؤهلات. وتفوق نسبته 11% في صفوف الرجال، مقابل 6% لدى النساء، فيما تمثل قطاعات البناء والأشغال العمومية بؤرة الظاهرة بنسبة 19,6%، مقابل 6,3% فقط في قطاع الصناعة.
تقرير بنك المغرب يرسم صورة مقلقة عن وضع سوق الشغل في البلاد، ويؤكد الحاجة العاجلة إلى سياسات تشغيل أكثر نجاعة، تضع الشباب في قلب أولوياتها، وتراعي التفاوتات الجهوية المتفاقمة.