في عرض جديد من مسرح العبث السياسي، ارتأت وزارة الدفاع الجزائرية أن تضيف إلى رصيدها التاريخي صفحة جديدة من الخيال المحض، عبر وثيقة منشورة على موقعها الرسمي، تروي فيها ملحمة أسطورية يزعم فيها أن “الجيش الوطني الشعبي الجزائري” خاض معركة زاما سنة 202 قبل الميلاد. نعم، بكل هذا اليقين والجرأة على المنطق، قررت المؤسسة العسكرية أن تخرق الزمن، وتعيد كتابة التاريخ بمداد البروباغندا.
من زاوية العقل والمنطق،.. يصعب أن نتقبل هذا التصور، إلا إذا كنا نشاهد حلقة من مسلسل تاريخي فانتازي على طريقة “صراع العروش”. فكيف لجيش لم يتأسس إلا بعد عام 1962، في كنف اتفاق دولي (إيفيان)، أن يقاتل في معركة وقعت قبل أكثر من عشرين قرنا؟ بل كيف لدولة لم تكن موجودة أصلا أن يكون لها جيش يقاتل تحت راية ملك نوميدي حليف للرومان؟
لكن في الجزائر الرسمية، لا حدود للخيال عندما يتعلق الأمر بصناعة المجد الزائف.
الوثيقة “التعريفية” التي قدمتها وزارة الدفاع ليست سوى محاولة فجة لطمس الحقيقة التاريخية،.. وتزوير الوقائع بهدف إقحام الذات الجزائرية في رواية لم تكن يوما جزءا منها.