الأكثر مشاهدة

نهاية حلم منافسة المغرب.. الجزائر توقف مشروع ميناء الحمدانية العملاق

انهارت واحدة من آخر أوراق النظام الجزائري في السباق البحري المغاربي، بعدما تقرر رسميا إلغاء مشروع ميناء “الحمدانية” الضخم، الذي كان من المنتظر أن يشيد بولاية تيبازة غرب العاصمة الجزائر. القرار، الذي أكدت تفاصيله صحيفة L’Opinion الفرنسية، لم يكن وليد لحظة تقنية أو مجرد أزمة ميزانية، بل تجسيد لفشل رؤية اقتصادية لم تقوَ على الصمود أمام الريادة المغربية في القطاع اللوجستيكي البحري.

السلطات الجزائرية بررت قرارها بكون المشروع عرف تضخما ماليا غير متوقع، وواجه صعوبات تقنية ولوجستيكية معقدة، ما دفع بالحكومة إلى صرف النظر عنه وتوجيه جهودها نحو الموانئ الموجودة حاليا لتعزيز قدراتها التشغيلية. هذا التراجع، رغم ما يرافقه من تبريرات تقنية، لا يخفي أن الفشل له طابع سياسي-استراتيجي أكثر مما هو مالي.

فقد كان ميناء الحمدانية يصنف ضمن المشاريع الكبرى التي أرادت بها الجزائر منافسة الرباط في ربط الاقتصاد المحلي بالأسواق الآسيوية، خصوصا عبر شراكة كانت مرتقبة مع الصين. غير أن الرياح أتت بما لا تشتهيه قيادة الجارة الشرقية، بعد أن فرض ميناء طنجة المتوسط وميناء الناظور غرب المتوسط واقعا جديدا، جعل أي مشروع جزائري شبيه يبدو باهتا وضعيف الأثر.

- Ad -

المحللون يرون أن المشروع ولد متأخرا في زمن لا يرحم التباطؤ. فالمغرب، باستراتيجيات واضحة واستثمارات ضخمة، انتقل من مرحلة الحلم إلى القيادة، وخلق لنفسه موطئ قدم في سلاسل التجارة الدولية، مهيمنا على الحوض المتوسطي. في المقابل، اكتفى النظام الجزائري بالشعارات، متجاهلا الدينامية العميقة التي يعرفها شمال المغرب.

إلغاء مشروع “الحمدانية” إذا لا يعد فقط قرارا تقنيا أو ماليا، بل هو اعتراف ضمني بعجز الجزائر عن مجاراة التحول البحري الذي يقوده المغرب بإصرار وصمت. وهي لحظة فارقة في صراع رمزي بين بلدين، يظهر فيه أن منطق التنافس الحقيقي يبنى بالموانئ والممرات، لا بالخطابات والعداء السياسي.

مقالات ذات صلة