تشهد أسواق الذهب في المغرب، وخاصة بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، جعل المعدن الأصفر يتحول من رمز للادخار الآمن إلى مصدر قلق لدى التجار والزبناء على حد سواء. فقد بلغ سعر الغرام الخام 830 درهما، فيما قفزت أسعار الحلي والمجوهرات المصنعة لتتجاوز حاجز 1200 درهم، ما انعكس بشكل مباشر على حركة البيع والشراء.
مهنيون في القطاع يؤكدون أن هذه القفزة مرتبطة أساسا بالارتفاع القياسي المسجل في الأسواق الدولية، حيث يعيش الذهب منذ جائحة كورونا على وقع تقلبات متسارعة. مختار قرعومي، رئيس جمعية الصاغة الحرفيين بجهة الدار البيضاء – سطات، أوضح أن الذهب “يبقى المعدن الوحيد الذي يفتقر للاستقرار منذ فترة الجائحة”، مشيرا إلى أن غياب مؤسسات رسمية بالمغرب لتقنين عملية بيع المادة الخام يزيد من حدة التقلبات.
الانعكاسات على سلوك المستهلكين بدت واضحة. أنوار آيت منصور، أحد تجار الذهب بالدار البيضاء، يؤكد أن الزبون الذي اعتاد اقتناء الذهب بمعدل مرتين أو ثلاث مرات في السنة، أصبح يكتفي بزيارة كل سنتين أو ثلاث. هذا التراجع في الإقبال يعكس تآكل القدرة الشرائية وتراجع مكانة الذهب كخيار ادخار متاح لشرائح واسعة من الأسر.
التقلبات السريعة للأسعار تزيد من حدة الأزمة. فبحسب شهادات مهنيين، قد يتغير السعر من أسبوع إلى آخر، بل أحيانا من يوم لآخر. شرف الدين حموش، تاجر آخر، كشف أن السعر قد يصل إلى 1200 درهم للغرام عند تصنيع الحلي ذات الجودة العالية، مضيفا أن الأسعار ارتفعت منذ بداية السنة بما يقارب 150 درهما.
وإذا استمر المنحى التصاعدي، يرجح المتابعون أن يتجاوز سعر الغرام الخام حاجز الألف درهم قبل نهاية السنة، وهو سيناريو قد يعمق أزمة السوق المحلية، ويعيد رسم العلاقة التقليدية للمغاربة مع المعدن الأصفر باعتباره ادخارا مضمون القيمة.