في تأكيد على نضج النسيج الإنتاجي الوطني وقدرته على الصمود أمام التحديات العالمية، كشف “بارومتر الصناعة الوطنية” عن نتائج قياسية خلال عام 2024، أعلنت عنها وزارة الصناعة والتجارة في الرباط يوم الأربعاء 29 أكتوبر. الأرقام الصادرة عن المسح الصناعي لعام 2025 تضع المغرب بشكل راسخ على خريطة التصنيع العالمية كمنصة إقليمية تنافسية.
شهدت المؤشرات الاقتصادية نموا لافتا، حيث ارتفع رقم المعاملات الصناعي ليلامس 898 مليار درهم، مسجلا بذلك زيادة قدرها 9% مقارنة بـ 822 مليار درهم في عام 2023. كما تقدم الإنتاج الصناعي بـ 12% ليصل إلى 842 مليار درهم. أما القيمة المضافة الصناعية، فسجلت ارتفاعا بـ 11% لتستقر عند 240 مليار درهم.
أما الاستثمار، فشهد قفزة غير مسبوقة، إذ سجل الاستثمار الصناعي نموا قياسيا بنسبة 30%، ليصل إجمالي حجمه إلى 90 مليار درهم.
الأهم من ذلك، استطاع القطاع الصناعي تجاوز عتبة المليون منصب شغل، حيث وصل العدد إلى 1,038,133 وظيفة، مع خلق 42,714 وظيفة صافية جديدة خلال عام 2024 وحده. ويبرز البارومتر أن الفترة ما بين 2021 و 2024 شهدت طفرة غير مسبوقة، تضاعف فيها رقم المعاملات الصناعي بـ 2.2 مرة، والقيمة المضافة بـ 1.5 مرة، والصادرات بـ 3 مرات.
السيارات تحكم السيطرة.. ورأس المال المغربي في الصدارة
أكد البارومتر على الأداء الاستثنائي لقطاع صناعة السيارات، الذي لم يكتف بالحفاظ على مكانته كأول قطاع مصدر للمملكة، بل فرض نفسه كقائد مطلق على كافة المؤشرات الاقتصادية الكبرى، حيث سجل نحو 196 مليار درهم كرقم معاملات، ووفر أكثر من 250 ألف وظيفة مباشرة.
وتبرز نتائج عام 2024 ميزة هيكلية إضافية، وهي هيمنة رأس المال الصناعي الوطني، حيث يمتلك المستثمرون المغاربة 70% من إجمالي هذا رأس المال، مما يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين المحليين في قوة ومرونة النسيج الإنتاجي وقدرتهم على أن يكونوا محركا رئيسيا لخلق القيمة والوظائف.
لم يقتصر التطور على الجانب الكمي، بل شهد تحولا نوعيا مهما. فالصناعات ذات التكنولوجيا المتوسطة والعالية أصبحت تولد الآن أكثر من نصف القيمة المضافة الصناعية، مؤكدة توجه المغرب نحو نموذج قائم على خلق القيمة والابتكار التكنولوجي.
كما شهدت الإنتاجية قفزة مذهلة، حيث ارتفع متوسط الإنتاجية لكل وظيفة بـ 30% خلال عشر سنوات، ليبلغ 231 ألف درهم، وهو ما يشهد على تحديث عمليات الإنتاج وارتفاع كفاءة الموارد البشرية المغربية.
ويؤكد هذا النجاح نجاعة النموذج الصناعي المغربي، الذي اعتمد على استراتيجيات قطاعية متسقة، ومراهنة ذكية على البنية التحتية ذات الجودة العالية (كميناء طنجة المتوسط والمناطق الصناعية المتكاملة والممرات اللوجستية)، ليترسخ المغرب اليوم كمنصة صناعية إقليمية مرجعية وفاعل تنافسي على الساحة الدولية.


