في خطوة تعكس طموح المغرب لتقوية نسيجه الصناعي وتطوير أسواقه المالية، أعلن اليوم الجمعة بالدار البيضاء عن إطلاق برنامج وطني جديد لدعم الشركات الصناعية، يهدف بالأساس إلى مواكبتها في مسار النمو وتسهيل ولوجها إلى سوق البورصة. المبادرة جاءت ثمرة شراكة جمعت بين بورصة الدار البيضاء ووزارة الصناعة والتجارة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل، في إطار رؤية استراتيجية لربط الاستثمار الصناعي بتمويلات السوق المالية.
الدفعة الأولى من هذا البرنامج ستشمل 30 شركة صناعية تتجاوز إيراداتها 500 مليون درهم، ستستفيد من ورشات ودورات تكوينية حول الريادة والحوكمة وفتح رأس المال، إضافة إلى اعتماد استراتيجيات للتنظيم والانفتاح على التمويلات البديلة، وعلى رأسها الإدراج في البورصة.
طارق الصنهاجي، المدير العام لبورصة الدار البيضاء، أكد خلال لقاء الإطلاق أن هذه المبادرة “تترجم إرادة جماعية لتقوية تنافسية المقاولات وتسريع وتيرة نموها”، مبرزا أن البورصة لم تعد مجرد منصة لتداول الأسهم، بل أضحت فاعلا رئيسيا في تمويل الاقتصاد الوطني. وذكر الصنهاجي بأن السوق المغربية لا تسجل سوى إدراج واحد في المتوسط كل سنة، في وقت يتزايد فيه الطلب على الأسهم بشكل ملحوظ من قبل المستثمرين، خاصة الأفراد.
من جانبه، شدد رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، على أن ولوج المقاولات الصناعية إلى البورصة يشكل “فرصة حقيقية لدعم الاستثمار وتبني التكنولوجيا الحديثة ورفع مستويات الإنتاج”، مؤكدا أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تشكل رافعة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد الوطني وخلق فرص شغل جديدة.
حاليا، تضم بورصة الدار البيضاء 78 شركة مدرجة بقيمة سوقية تفوق تريليون درهم، تشكل الصناعات 40% منها. غير أن الطموح أكبر، إذ تسعى البلاد إلى بلوغ 300 شركة مدرجة بحلول 2035. هذه الدينامية تأتي في سياق اقتصادي يتسم بارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 12%، وبشكل مقلق لدى الشباب حيث يتجاوز 30%.
على صعيد المؤشرات، يواصل السوق زخمه القوي، إذ أنهى المؤشر المرجعي “مازي” شهر شتنبر عند عتبة 19 ألف نقطة محققا مكاسب تناهز 28% منذ بداية السنة. كما سجلت أغلب الشركات المدرجة خلال السنوات الأخيرة ارتفاعات ملحوظة في أسعار أسهمها، بعضها تجاوز الضعف مقارنة بسعر الإدراج. ويواكب هذا الحراك المالي خطوات هيكلية، أبرزها منح أولى التراخيص لثلاث شركات لممارسة نشاط المشتقات المالية الآجلة، ما يفتح الباب أمام أدوات جديدة للتحوط من المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسعار.