الأكثر مشاهدة

الضرائب دفعتها للهجرة.. فرنسية تجد وطنها الثاني في المغرب وتبني مشاريع ناجحة

حين تغلق الأبواب في وجهك في بلدك الأم، قد تفتح لك الحياة نوافذ الفرص في مكان لم يكن يوما في الحسبان. هذا ما حدث مع بريجيت لوديه، فرنسية تنحدر من مدينة تولون، قررت أن تقلب صفحة حياتها رأسا على عقب، وتبدأ من جديد في المغرب، بلد لم يكن غريبا عنها، لكنها لم تتوقع أن يتحوّل إلى وطن ثان يبني فيه زوجها وابنتها إمبراطورية خاصة.

رحلة التحول بدأت عندما وقع زوجها، لاعب البوكر المحترف، عقدا مع أحد كازينوهات مراكش. كانت بداية الألفية، وازدهار لعبة تكساس هولدم قد بلغ ذروته في المغرب. الزوجان كانا يترددان بانتظام على البلاد للمشاركة في البطولات، وكان دخلهما من البوكر كافيا لتغطية نفقات الحياة. إلى أن جاء القرار الحاسم: ترك كل شيء وراءهما في فرنسا، والاستقرار نهائيا في المغرب.

لكن ما الذي دفعهما فعليا إلى مغادرة فرنسا؟ تقول بريجيت: “السبب الحقيقي كان الضريبة. كنا نعمل ليل نهار ونخاطر كثيرا كمقاولين، لكن العائدات لم تكن في مستوى الجهد المبذول. في بعض الاستثمارات تكبدنا خسائر جسيمة دون أن نجني شيئا يذكر”.

- Ad -

المرأة التي دمجت تقاليد تايلاند وسحر المغرب في مشروع واحد

قبل الوصول إلى المغرب، جربت الأسرة حظها في آسيا، حيث جابت كازينوهات شنغهاي وماكاو طوال ثلاثة أشهر. لكنها تروي أن تلك الرحلة كانت كارثية على المستوى المالي. كانت الخسائر اليومية تنهك زوجها، فقررا التوجه إلى بانكوك هربا من الضغط. وهناك، وفي خضم رحلة البحث عن نفس جديدة، لمعت في ذهن بريجيت فكرة مشروع مختلف تماما: إنشاء سبا للمساج التايلاندي الأصيل في المغرب.

حاولت في البداية تلقي تكوين احترافي في مدرسة وات بو البوذية العريقة في بانكوك، لكنها سرعان ما أيقنت أن بلوغ مستوى المحترفات التايلانديات أمر بالغ الصعوبة. عندها قررت أن تستقدم معالجات تايلانديات إلى المغرب، وتؤسس سبا يجمع بين الحمام المغربي والممارسات العلاجية التقليدية لبلاد التايلاند.

وفي سنة 2012، افتتحت مشروعها في فضاء لا يتجاوز 100 متر مربع، مع ثلاث معالجات وموظفتين في الحمام. ومنذ ذلك الحين، بدأ النجاح يدق بابها. تقول مبتسمة: “التلفزيون المغربي ساعدنا كثيرا في البداية، ثم بفضل الزبناء، تضاعف حجم المؤسسة عشر مرات. وفي السنوات الخمس الأخيرة، فتحنا فرعا ثانيا في طنجة”.

نجاحها لم يتوقف هنا. في يناير 2024، أطلقت مشروعا جديدا بالشراكة مع الشيف الفرنسي الحاصل على نجمة ميشلان جان إيمانويل كريست، حيث افتتحا مطعما راقيا بمراكش.

اليوم، وبعد 14 سنة على مغادرتها فرنسا، تفتخر بريجيت بمسارها كرائدة أعمال ناجحة تبلغ من العمر 60 عاما. ولا تخفي حبها للمغرب: “منذ اللحظة الأولى شعرنا بأننا في بلد يرحب بنا. المغاربة شعب مضياف، ومراكش مدينة تجعل الأجانب يشعرون وكأنهم في وطنهم”. تضيف: “ترددنا طويلا بين تايلاند والمغرب، لكن القرب الجغرافي وسهولة التنقل لعبا دورا حاسما، كما أن الأصدقاء والعائلة يمكنهم زيارتنا بسهولة”.

وتختم مبتسمة: “لقد جلبنا شيئا من تايلاند إلى المغرب… والقليل من تولون أيضا”.

مقالات ذات صلة