شهدت مدينة بركان مطلع الأسبوع الجاري فصلا جديدا من تبعات الاحتجاجات التي هزت المنطقة خلال الأسابيع الماضية، بعدما أصدرت المحكمة الابتدائية أحكامها في حق مجموعة من المتابعين على خلفية أعمال الشغب والفوضى التي رافقت مظاهرات حركة «جيل Z». الأحكام تراوحت بين البراءة والسجن، في مشهد قضائي عكس تمييز العدالة بين الفعل الاحتجاجي المشروع والسلوك الإجرامي المنفلت.
وحسب معطيات موثوقة، فقد برأت المحكمة ثلاثة قاصرين بعد أن لم يثبت تورطهم المباشر في أعمال التخريب، فيما أدين شخصان بالغان بسنتين حبسا نافذا لكل واحد منهما، وآخر بسنة ونصف سجنا نافذا. هذه الأحكام جاءت بعد سلسلة من الجلسات التي تابعتها ساكنة المدينة عن كثب، في ظل حساسية الملف وتداخله بين الطابع الاجتماعي والسياسي.
وتعود جذور القضية إلى الأحداث التي عاشتها بركان ومدن أخرى بالجهة الشرقية، إثر احتجاجات لحركة «GenZ212» المطالِبة بتحسين الوضع الصحي والتعليمي، قبل أن تتحول بعض المسيرات إلى مواجهات وأعمال تكسير ونهب، استنكرها الرأي العام المحلي بشدة. الحركة نفسها سارعت إلى التبرؤ من تلك الأفعال، مؤكدة في بلاغ رسمي أن الاحتجاج السلمي لا يلتقي مع الفوضى ولا مع الاعتداء على الممتلكات.
وفي مدينة وجدة المجاورة، عبر مواطنون عن إدانتهم لما وصفوه بـ«الانحراف الخطير» الذي طال بعض المظاهرات، حيث تعرضت واجهات محلات تجارية وسيارات للتخريب، ما خلق حالة من الاستياء في أوساط الساكنة التي شددت على أن «الاحتجاج حق، لكن لا يجوز ممارسته على أنقاض ممتلكات الآخرين».
ويرى مراقبون أن ما وقع في الجهة الشرقية يمثل اختبارا لمدى نضج التعبير المدني لدى الشباب المغربي، خاصة مع بروز فئة تسعى لإيصال صوتها بوسائل سلمية، مقابل فئة أخرى تتهم باستغلال هذا الحراك لإثارة الفوضى. وبين هذا وذاك، تبقى رسالة القضاء واضحة: لا تهاون مع العنف، ولا تجريم للاحتجاج المشروع.