أكد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن الفساد في المغرب تجاوز كونه مجرد ظاهرة عابرة ليصبح جزءا من بنية النظام، مما يجعله مرتبطا بشكل وثيق بمسار الديمقراطية في البلاد. واعتبر أن تفشي الفساد يعد أحد الأسباب الرئيسية لتعثر مشروع الانتقال الديمقراطي، موضحا أن الدول التي تعاني من أنظمة استبدادية غالبا ما تشهد تفشيا واسعا للفساد، بينما تحاول الأنظمة الديمقراطية تقليصه والحد من تأثيراته السلبية.
جاءت تصريحات الغلوسي خلال ندوة فكرية احتضنها مقر حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بالدار البيضاء، مساء السبت، تحت عنوان “مبادرات لمحاربة الفساد: سرطان ينهك المجتمع ويعطل التنمية”، حيث أشار إلى أن القوى السياسية التي دافعت عن الديمقراطية في المغرب واجهت على مر العقود شتى أشكال التضييق، من اعتقالات وتعذيب وملاحقات، ما أدى إلى تراجعها أمام هيمنة بعض التيارات التي باتت تطوع العمل السياسي لخدمة مصالحها.
كما انتقد الغلوسي تصريحات وزير العدل بخصوص قانون المسطرة الجنائية، معتبرا أنها تعكس حالة التراجع الديمقراطي، وأن هناك جهات نافذة تسعى لتحويل النيابة العامة إلى أداة تنفيذية تخدم قرارات إدارية معينة، رغم أن الدستور المغربي ينص على استقلالية السلطة القضائية وفصلها عن السلطتين التنفيذية والتشريعية.
الغلوسي: غياب المحاسبة جعل الفساد ممارسة عادية في المغرب
وفي حديثه عن الوضع السياسي،.. هاجم الغلوسي ما وصفه بـ”تحول حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى مجرد ملحقة لحزب إداري”،.. معتبرا أن هذا التحول يعد نتيجة طبيعية لنجاح بعض الجهات في “ترويض السياسيين والمنتخبين”،.. وهو ما أثر سلبا على دور الأحزاب في تأطير المواطنين وتمثيل تطلعاتهم.
أما بخصوص قطاع التعليم، فقد استنكر الغلوسي غياب أي محاسبة لمسؤولي البرنامج الاستعجالي الذي رصدت له ميزانيات ضخمة دون تحقيق نتائج ملموسة، معتبرا أن هذا الواقع يعكس “تحويل الفساد إلى ممارسة عادية داخل المجتمع المغربي”، حيث أصبحت بعض الجهات تتباهى به علنا دون خوف من المحاسبة.
وفي ختام مداخلته، شدد الغلوسي على ضرورة خلق وعي مجتمعي لمحاربة الفساد،.. معتبرا أن التراخي في مواجهته سيؤدي إلى مزيد من التدهور في شتى المجالات، مضيفا: “نحن مستعدون لتقديم تضحيات كبيرة لوقف هذا النزيف الذي ينخر جسد الوطن”.