تعتبر القبة الحديدية نظام الدفاع الأول لإسرائيل ضد الهجمات بالصواريخ، وقد دخلت الخدمة منذ عام 2011. في السابع من أكتوبر، شن مقاتلو حماس هجوما مفاجئا بإطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، مما أدى إلى تصاعد التوترات في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
القبة الحديدية تعتبر حائط الصد الرئيسي ضد الهجمات بالصواريخ. تم تطوير هذا النظام الدفاعي بواسطة شركة رافائيل الإسرائيلية الحكومية وتم نشره لأول مرة في عام 2011.
لقد أثبت النظام فعاليته على مر السنوات، ويشيد المسؤولون الإسرائيليون بنسبة نجاحه التي تصل إلى 90٪ في اعتراض الصواريخ.
كيف تعمل القبة الحديدية بالتحديد؟
تتألف كل من بطاريات القبة الحديدية، ويعتقد أن هناك ما لا يقل عن 10 منها تعمل في الأراضي الإسرائيلية، من ثلاثة عناصر رئيسية. الأول هو الرادار الذي يكتشف الصواريخ القادمة. ثم يأتي صاروخ “التامير” الاعتراضي الذي يتم إطلاقه لاعتراض الصاروخ المعادي في الجو.
وأخيرا، هناك مركز القيادة والتحكم الذي يحتوي على البرمجيات المسؤولة عن توجيه وإرسال البيانات من الرادار إلى الصاروخ الاعتراضي. تم تصميم النظام لاعتراض الصواريخ التي يمكن أن تغطي مسافة تتراوح بين 4 و70 كيلومترا.
مدى فعالية القبة الحديدية
بالرغم من النسبة المذهلة لنجاح قبة الحديد التي بلغت 90٪ والتي أعلنها المسؤولون العسكريون الإسرائيليون، إلا أن جان لوب سمعان، زميل أبحاث كبير في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة، يصف فعالية النظام بأنها “مثيرة للجدل للغاية”.
وفي حديثه لـ”ليورونيوز نكست”، أوضح سمعان: “السبب وراء ذلك هو أنه في النهاية،.. نعتمد على التقديرات والبيانات التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية”.
“حتى الآن، أشارت الحكومة الإسرائيلية إلى أن فعالية قبة الحديد مرتفعة للغاية، حيث تحدثوا عن معدل اعتراض بنسبة 90٪. السؤال الأول هو: ما معنى معدل الاعتراض بالضبط؟”، أضاف.
وأشار سمعان إلى أن قبة الحديد تستهدف فقط الصواريخ التي تشكل تهديدا للمناطق الحضرية المأهولة بالسكان.
وأوضح: “إذا تم إطلاق صاروخ من غزة باتجاه منطقة غير مأهولة بالسكان في إسرائيل،.. فإن قبة الحديد لن تتمكن من التفعيل. لذلك من الصعب أن نحدد بالضبط ما هو السبب وراء نسبة الفعالية البالغة 90٪”.
وفيما يتعلق بفعالية القبة الحديدية، يشير سمعان إلى أن النظام لم يكن قادرا على ردع حماس أو غيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة عن شن هجمات صاروخية تستهدف الأراضي الإسرائيلية.
وأوضح سمعان: “في السابع من أكتوبر، أطلقت حماس صواريخ أكثر بكثير مما أطلقته خلال العشرة أيام الأخيرة من الصراع بين حماس وإسرائيل في عام 2021”.
وأضاف: “لذلك، يخبرنا ذلك بأن القبة الحديدية، نعم، قد تكون فعالة من الناحية العملية،.. لكنها من الناحية الاستراتيجية لا تردع المنظمات الفلسطينية”.
ماذا عن تمويل النظام الدفاعي؟
يتطلب الاستمرار في تشغيل القبة الحديدية تكاليف باهظة. ووفقا لما أفاد به جان لوب سمعان، زميل أبحاث بارز في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة،.. يبلغ سعر صاروخ واحد فقط من الصواريخ الاعتراضية تامير حوالي 50 ألف دولار (ما يعادل 47251 يورو).
في الأصل، قامت إسرائيل بتمويل مشروع القبة الحديدية، ولكن نظرا للتكلفة العالية للنظام،.. اضطرت البلاد إلى الاعتماد على حليفتها الطويلة الأمد، الولايات المتحدة.
وفقا لتقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي، قدمت الولايات المتحدة تقريبا 3 مليارات دولار (ما يعادل 2.8 مليار يورو) لدعم بطاريات القبة الحديدية، والصواريخ الاعتراضية، وتكاليف الإنتاج المشترك، والصيانة العامة.
أوضح سمعان أن “ابتداء من عام 2016، اعتبرت الولايات المتحدة وإسرائيل أن دعم الدفاع الصاروخي الإسرائيلي،.. وبشكل خاص تطوير وإنتاج القبة الحديدية، كان جزء أساسيا من العلاقة الثنائية”.
وأضاف: “الفكرة كانت أن إسرائيل تمكنت من العثور على تكنولوجيا تمكنها من حماية أراضيها،.. ولكنها بحاجة إلى دعم مالي من الولايات المتحدة للحفاظ على تلك القدرة”.
وبحسب تقرير رويترز الصادر يوم الخميس، سيطلب من الكونغرس تخصيص 14 مليار دولار إضافية (ما يعادل 13.2 مليار يورو) كمساعدات عسكرية لإسرائيل بناء على طلب من الرئيس الأمريكي بايدن.
مخاوف من تصاعد التوترات
في الأيام الأولى للصراع الجاري، بدا وكأن العدد الكبير من الصواريخ التي أطلقتها حركة حماس باتجاه إسرائيل،.. والتي تتراوح بين 2200 إلى أكثر من 3000 صاروخ (بالرغم من تصريح حماس بإطلاق 5000 صاروخ)، قد نجح في زعزعة النظام الإسرائيلي.
ومع ذلك، يشير جان لوب سمعان إلى أن حماس ليس لديها إمدادات غير محدودة من الذخائر. ويقول: “أعتقد أن في الأيام القادمة،.. ستكافح حماس من أجل الحفاظ على قدرتها على إطلاق نفس الكمية من الصواريخ باتجاه إسرائيل”.
والمصدر الرئيسي للقلق فيما يتعلق بقدرة القبة الحديدية على مواصلة حماية الأراضي الإسرائيلية في الوقت الحاضر هو احتمال تصاعد النزاع في الساحة الإقليمية خلال الصراع الحالي.
يضيف سمعان: “إحدى الأسباب التي تدفع إسرائيل،.. وبالتأكيد الولايات المتحدة، إلى منع تصاعد النزاع الإقليمي هي أن حزب الله في لبنان قد ينخرط في الصراع. ولدى حزب الله قدرة نيران أضخم بكثير من حماس”.
“فحزب الله يمتلك مئات الآلاف من الصواريخ. لذا يمكن لحزب الله بسرعة كبيرة التغلب على القبة الحديدية”.
تجدر الإشارة إلى أن أكثر من 1300 إسرائيلي قتلوا في هجوم حماس في السابع من أكتوبر.
ردا على ذلك، فرضت إسرائيل حصارا “كاملا” على قطاع غزة وقامت بشن غارات جوية على القطاع أدت إلى مقتل الآلاف معظمهم من المدنيين.
أحدث هذا الحصار “مخاوف إنسانية وقانونية خطيرة” بحسب خبراء الأمم المتحدة،.. حيث تم حرمان سكان غزة من الغذاء والمياه والكهرباء والوقود.