تحولت شوارع مدينة بوزنيقة، المعروفة بشواطئها وموقعها الساحلي المميز، إلى لوحة متناسقة يغلب عليها اللون الأزرق، في مشهد غير مسبوق يعكس انخراط الجماعة المحلية في مشروع طموح لإعادة تشكيل الهوية البصرية للمدينة وربطها أكثر بثقافتها البحرية.
المبادرة التي أطلقتها الجماعة مؤخرا شملت واجهات المقاهي والمحلات التجارية والمطاعم القريبة من الواجهة الشاطئية، حيث تم توحيد ألوان اللافتات والستائر لتصبح جميعها بلون أزرق هادئ يرمز إلى البحر والانفتاح والنقاء. وقد لقيت هذه الخطوة ترحيبا واسعا بين السكان والمهنيين، بعدما ساهمت في منح المدينة مظهرا أكثر تناغما واحترافية.
قبل هذا المشروع، كانت واجهات المحلات تعج بالألوان المتنافرة والإعلانات الصاخبة، مما جعل المدينة تبدو فوضوية وغير جاذبة للسياح. لكن اليوم، حسب العديد من شهادات التجار والسكان، تغير المشهد كليا. أحد أرباب المقاهي القريبة من الشاطئ صرح قائلا: “كنت أظن أن الأمر مجرد إجراء إداري، لكن بعد رؤية النتيجة، أيقنت أننا اقتربنا فعلا من مستوى بعض المحطات السياحية العالمية”.
اختيار اللون الأزرق لم يكن قرارا عشوائيا، بل جاء من رؤية متكاملة تهدف إلى إرساء هوية عمرانية تعكس ارتباط بوزنيقة بالبحر وتعزز موقعها كوجهة سياحية واعدة. وهي سياسة مشابهة لما قامت به مدينة بنسليمان، التي اختارت اللون الأخضر لتعزيز طابعها البيئي.
وبحسب مصدر جماعي، فإن هذه الخطوة “ليست فقط جمالية، بل تعبر عن التزام المدينة بتنمية سياحة شاطئية نظيفة ومستدامة”، مشيرا إلى أن العمل على نظافة الفضاءات العامة وتحسين مظهرها الخارجي يندرج ضمن التحضيرات غير المباشرة المرتبطة باحتضان المغرب لكأس العالم 2030.
من مدينة عبور إلى وجهة مقصودة
لطالما اعتبرت بوزنيقة مدينة عبور بين الرباط والدار البيضاء، لكن هذا المشروع، وفق متابعين، يشكل خطوة ذكية لتحويلها إلى نقطة جذب قائمة بذاتها. فالموقع الجغرافي الاستراتيجي للمدينة وشواطئها الجميلة يمكن أن يشكلا رافعة اقتصادية وسياحية قوية، إذا ما تم دمجهما في مشاريع هيكلية متكاملة تعزز من صورة المدينة وتوفر فرص شغل وتحسن من جودة العيش.
كما يرى البعض أن نجاح هذه المبادرة قد يكون محفزا لباقي المدن الساحلية المغربية لاعتماد توجهات مماثلة، في سياق تنافسي عالمي يربط بين جمالية الفضاء العام وتطور مؤشرات التنمية المحلية.