أصدرت المحكمة الإدارية بطنجة حكما قضائيا بارزا يدين وزارة الصحة ويلزمها بأداء تعويض مالي قدره 46 مليون سنتيم لصالح أسرة طفل ولد بإعاقة دائمة، نتيجة ما وصفته المحكمة بـ”خطأ طبي جسيم” ارتكب أثناء الولادة بالمستشفى الإقليمي لالة مريم بمدينة العرائش.
وحسب تفاصيل ملف القضية، فقد توجهت الأم الحامل إلى المستشفى لإتمام عملية الولادة، إلا أنها واجهت تقصيرا وإهمالا غير مبرر من الطاقم الطبي الذي تأخر عن التدخل لما يزيد عن 12 ساعة رغم حالتها الحرجة. هذا التأخير أدى إلى حرمان الرضيع من الأوكسجين والرعاية الضرورية مباشرة بعد الولادة، قبل أن يسمح له ولأمه بالمغادرة في اليوم الموالي في وضع صحي حرج.
وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن الإهمال الطبي تسبب في اختناق حاد للطفل أدى إلى إعاقات ذهنية وحركية دائمة، معتبرة أن ما وقع يشكل إخلالا واضحا بالواجبات المهنية والإنسانية للطاقم الطبي، وهو ما ألحق أضرارا جسيمة بالرضيع وعائلته على الصعيدين المادي والمعنوي.
وأضافت المحكمة أن الأسرة تكبدت منذ ولادة الطفل تكاليف علاجية وتنقلية كبيرة بين المستشفيات، في ظل حاجة الطفل المستمرة للرعاية الطبية، مؤكدة أن الضرر الذي لحق بالرضيع يجعل التعويض المالي ضرورة أساسية لتخفيف العبء المترتب على الأسرة.
وبناء على هذه المعطيات، قضت المحكمة الإدارية ابتدائيا بتحميل وزارة الصحة المسؤولية الكاملة، والحكم بتعويض الأسرة بمبلغ 46 مليون سنتيم، في خطوة اعتبرها مراقبون إشارة واضحة إلى أهمية احترام المعايير الطبية والإنسانية في المؤسسات الصحية العمومية، وتأكيد حق المواطنين في التعويض عن الأخطاء التي تُلحق الضرر بالأطفال والأسر.