من المتوقع أن يقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشروع قانون جديد بعنوان “المساعدة على الموت”،.. الذي يتيح للأشخاص المصابين بأمراض مميتة إنهاء حياتهم في المنزل باستخدام الأدوية القاتلة.
يأتي هذا القرار بعد مشاورات طويلة مع لجنة من المواطنين الفرنسيين حول “المساعدة على الموت”،.. حيث أظهرت الدراسات أن أغلبية المواطنين الفرنسيين يؤيدون خيارات نهاية الحياة كهذه. ومع ذلك، فإن هذا القرار أثار غضب الزعماء الدينيين في الدولة الكاثوليكية تقليديا، إلى جانب العديد من العاملين في مجال الصحة.
صرح ماكرون لصحيفتي “لاكروا” و”ليبراسيون” بأن البالغين الذين يتمتعون بالسيطرة الكاملة على أحكامهم،.. ويعانون من أمراض عضال تهدد حياتهم، والذين لا يمكن تخفيف آلامهم، سيكونون قادرين على “طلب المساعدة على الموت”.
وأكد ماكرون أن هذا التغيير ضروري “لأن هناك مواقف لا يمكنك قبولها بشكل إنساني”،.. معبرا عن الهدف منه بـ “توفيق بين استقلالية الفرد وتضامن الأمة”. وأشار إلى أنه، بمشروع القانون هذا، يتم التصدي لموضوع الموت.
من المقرر أن يناقش مشروع القانون الجديد في البرلمان ابتداء من 27 ماي،.. قبل أسبوعين فقط من انتخابات البرلمان الأوروبي، إلا أن التفعيل المحتمل له يبدو غير مرجح حتى العام المقبل.
في تفاصيل القانون الجديد، أكد إيمانويل ماكرون أن القصر والمرضى الذين يعانون من أمراض نفسية أو تنكس عصبي مثل مرض الزهايمر لن يكونوا مؤهلين. وأشار ماكرون إلى أن المرضى الذين يسعون للدخول في العملية سيحتاجون إلى إعادة تأكيد اختيارهم بعد 48 ساعة، ويتوجب عليهم تلقي إجابة من فريق طبي في غضون أسبوعين كحد أقصى.
وفيما يتعلق بالإجراءات العملية، سيقوم الطبيب بتسليم وصفة طبية صالحة لمدة ثلاثة أشهر للأدوية القاتلة،.. مما يتيح للأفراد تناولها في المنزل أو في دور الرعاية أو في المنشآت الصحية. وإذا كانت الحالة البدنية لا تسمح للشخص بالقيام بذلك بمفرده،.. يسمح له بالحصول على المساعدة من شخص من اختياره أو من الفريق الطبي.
المساعدة على الموت.. قرار تاريخي يثير الجدل
وأوضح ماكرون أنه في حال رفض المهنيون الطبيون الطلب،.. يمكن للمريض اللجوء إلى استشارة فريق طبي آخر أو التقديم للاستئناف. وأكد على تجنب استخدام مصطلحات مثل “الانتحار بمساعدة طبية” أو “القتل الرحيم”،.. حيث يرى أن موافقة المريض ضرورية، مع توفر دور للرأي الطبي ووجود “معايير دقيقة”.
من ناحية أخرى، أعربت مجموعات تمثل الممرضات والعاملين في مجال الرعاية التلطيفية تحت شعار “End of Life Collective” عن استياءها وحزنها إزاء إعلان ماكرون، حيث أكدوا أن هذا النظام يبتعد عن احتياجات المرضى ويتناسى الواقع اليومي لمقدمي الرعاية،.. محذرين من العواقب الخطيرة التي قد تنجم عن هذا القرار على علاقة الرعاية الصحية.
من جهة أخرى، عبر ممثلو الكنيسة الكاثوليكية عن عدم ارتياحهم لهذا الإجراء. وصرح إريك دي مولان بوفورت، رئيس مؤتمر الأساقفة الفرنسيين، في حوار مع صحيفة “لاكروا”،.. بأن “مثل هذا القانون سيوجه نظام الرعاية الصحية لدينا نحو الموت كحل”. وأكد ماتيو روج، أسقف نانتير، على استيائه من السماح بتوجيه الحقنة المميتة “ليس فقط في المنزل ولكن أيضا في دور المسنين”،.. مضيفا: “ما يذهلني هو أن لديك انطباعا بأنه في ‘دولة الشركات الناشئة’، لم يعد للأشخاص غير المنتجين الحق في التواجد هناك”.
وفي الوقت الحالي، يضطر المرضى الفرنسيون الذين يعانون من الألم ويرغبون في إنهاء حياتهم إلى السفر إلى الخارج،.. بما في ذلك السفر إلى بلجيكا المجاورة.
أصدر قانون عام 2005 في فرنسا يسمح بالقتل الرحيم السلبي،.. مثل حجب أجهزة دعم الحياة الاصطناعية، ويعتبر هذا “حقا في الموت”. في عام 2016، تم تعديل القانون ليسمح للأطباء بربط القتل الرحيم السلبي بـ “التخدير العميق والمستمر” للمرضى الذين يعانون من أمراض يعتبر شفاؤهم ميئوسا منه ويعانون من الألم.
ومع ذلك، فإن القتل الرحيم النشط،.. حيث يقوم الأطباء بإعطاء جرعات مميتة من الأدوية للمرضى الذين يعانون من حالة غير قابلة للشفاء، يعتبر غير قانوني. كما أن المساعدة على الانتحار – حيث يمكن للمرضى الحصول على المساعدة للانتحار بطريقة طوعية – ممنوعة حاليا.


