أعلنت المملكة المغربية عن خطة استثمارية ضخمة بقيمة 319 مليار درهم (ما يعادل 30 مليار يورو) لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، وذلك بالشراكة مع أبرز الشركات العالمية في قطاع الطاقة.
الرباط تسعى إلى أن تصبح من الرواد العالميين في هذا المجال الناشئ، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وقربها من أوروبا، التي تخطط لاستيراد عشرة ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول 2030. ووفق مصادر مطلعة، تأمل المملكة في اقتناص ما يصل إلى 4٪ من الطلب العالمي، ما سيجعلها موردا أساسيا للقارة الأوروبية.
المباحثات الحالية تشمل عمالقة الطاقة مثل “أكوا باور” السعودية، و“طاقة” الإماراتية، و“توتال إنرجي” الفرنسية، إضافة إلى المجموعة المغربية OCP، الرائدة عالميا في تصدير الأسمدة الفوسفاتية، والتي ترى في الهيدروجين والأمونياك الأخضرين فرصة لتقليل انبعاثاتها الكربونية وتحسين تنافسيتها.
الخطة الحكومية تركز على المناطق الجنوبية للمملكة، حيث خصصت مليون هكتار من الأراضي لتلك المشاريع، منها 300 ألف هكتار في المرحلة الأولى. كما يجري الإعداد لبنية تحتية متكاملة تشمل موانئ مجهزة للتخزين والتصدير، وأنابيب نقل حديثة، ومحطات لتحلية مياه البحر، إضافة إلى محطات شمسية وريحية واسعة النطاق.
لكن السلطات المغربية تتعامل مع هذا المشروع الطموح بقدر من الحذر، إذ لن يتم ضخ الاستثمارات الضخمة إلا بعد توقيع عقود شراء طويلة الأجل مع زبائن دوليين. هذا النهج الاحترازي يهدف إلى تفادي المخاطر في سوق عالمي ما زال في طور البناء، حيث شهد عام 2024 زيادة بنسبة 233٪ في عدد المشاريع الملغاة، ما يعكس هشاشة القطاع وتحدياته.
ورغم تلك التحديات، يرى مراقبون أن المغرب يمتلك المقومات الطبيعية والبشرية ليصبح لاعبا رئيسيا في الانتقال الطاقي العالمي، مستفيدا من وفرة أشعة الشمس والرياح، إضافة إلى موقعه القريب من الأسواق الأوروبية. الاستثمار في الهيدروجين الأخضر يعكس كذلك رغبة المملكة في تنويع اقتصادها، وخفض بصمتها الكربونية، وترسيخ مكانتها كشريك استراتيجي في التحول إلى اقتصاد عالمي منخفض الانبعاثات.