الأكثر مشاهدة

المغرب يضع النقاط على الحروف: لا تطبيع مع سوريا دون موقف واضح من قضية الصحراء

في تحول دبلوماسي يحمل أكثر من دلالة، بدأت بوادر انفراج حذر في العلاقات المغربية السورية، بعد أكثر من عقد من الجمود والقطيعة. فقبل أسابيع فقط، أعلن وزير الخارجية ناصر بوريطة، باسم الملك محمد السادس، خلال القمة العربية ببغداد، قرار الرباط بإعادة فتح سفارتها في دمشق، في خطوة وصفت بأنها مبادرة اختبارية لا تعني بالضرورة فتح صفحة بيضاء، بل مشروطة باعتراف واضح لا لبس فيه بسيادة المغرب على صحرائه.

سارعت دمشق بعد القرار المغربي إلى إرسال وفد تقني إلى العاصمة الرباط لتفقد وضع مبنى سفارتها المغلقة منذ 2012، وهي خطوة تمت بموافقة مسبقة من السلطات المغربية، لكن الرباط فضلت التريث ولم تصدر أي بيان رسمي بشأن تبادل السفراء أو جدول زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي عبّر عن رغبته في التوجه إلى المملكة.

مصادر دبلوماسية مطلعة أوضحت أن الموقف المغربي لا يحتمل التأويل: أي تطور في العلاقات مشروط بموقف سيادي واضح من دمشق، خصوصا في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. فالمملكة لم تعد تقبل بسياسة الخطاب الرمادي، وهي ترفض أي تطبيع علاقات مع دول لم تحسم بعد مواقفها من وحدة المغرب الترابية.

- Ad -

دمشق تغلق مكتب البوليساريو.. ولكن متى تعلن الموقف الرسمي؟

كبادرة “حسن نية”، تحدثت وسائل إعلام عن قرار سوري بإغلاق مكتب جبهة البوليساريو في دمشق. لكن حسب المعطيات المتوفرة، فإن المكتب كان متوقفا عن النشاط منذ سنوات، وتقديم الأمر كخطوة سياسية جديدة لا يقنع الرباط، التي تترقب ما هو أبعد من البروباغندا الإعلامية.

في هذا السياق، يرى الدكتور سعيد رزيق، الخبير في العلاقات الدولية، أن المغرب اليوم “يفاوض من موقع القوة”، ويعتبر أن قرار فتح السفارة “نافذة اختبار لا أكثر”. ويضيف: “من أراد صداقتنا، عليه الاعتراف بسيادتنا… لا مجال للمناورة بعد اليوم”.

في المقابل، لا تظهر الرباط استعجالا لإعادة تدوير العلاقات مع دمشق كما كانت قبل 2011. فالظرف الجيوسياسي تغير، وتحالفات الأمس لم تعد تشفع لأحد. ومن كان أقرب إلى محور الجزائر–طهران، عليه اليوم أن يراجع بوصلته إذا أراد إعادة الاندماج في الفضاء العربي الجديد.

المغرب حدد شروطه بوضوح، وسوريا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، أو البقاء في دائرة العزلة الدبلوماسية. والرسالة واضحة: لا مجاملات مجانية، ولا تسويات على حساب السيادة الوطنية.

وهكذا، تبقى العلاقات المغربية السورية رهينة قرار لم يتخذ بعد، فيما تظل سفارة دمشق في الرباط مغلقة… تنتظر أن تفتح، لا بمفاتيح النوايا، بل بوثيقة اعتراف حقيقية.

مقالات ذات صلة