الأكثر مشاهدة

المغرب يطلق أول خرائط وطنية للفوسفور والبوتاسيوم في التربة بدقة غير مسبوقة

في خطوة علمية غير مسبوقة، كشف فريق بحثي مغربي عن أول خرائط وطنية عالية الدقة توضح توزيع الفوسفور والبوتاسيوم في التربة الزراعية عبر مختلف مناطق المملكة. هذه المبادرة، التي تمزج بين العمل الميداني ونماذج الذكاء الاصطناعي، تهدف إلى توجيه الفلاحين والمهنيين نحو إدارة أكثر استدامة للموارد الزراعية.

الدراسة، التي نشرت يوم 8 غشت في مجلة “نيتشر”، جاءت ثمرة تعاون بين باحثين من مؤسسات وطنية ودولية، بقيادة ياسين بوسليهم من المعهد الوطني للبحث الزراعي، وعبد الكريم بوعسرية من جامعة شعيب الدكالي. كما شارك في هذا العمل أحمد جاللول ولطفي خياري من جامعة لافال الكندية، وسارة ضهاني من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، ورشيد مرابط من المعهد الوطني للبحث الزراعي، ورشيد موسادك من المعهد نفسه ومن المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا).

ولأول مرة، تغطي هذه الخرائط كامل التراب المغربي بدقة تصل إلى 250 مترا، ما يسمح بتحديد أماكن تركز أو نقص المغذيين الأساسيين لنمو المحاصيل: الفوسفور والبوتاسيوم المتبادل. وقد اعتمد الفريق على قاعدة بيانات فريدة تضم 5 276 عينة تربة للفوسفور و6 978 عينة للبوتاسيوم، إلى جانب 76 متغيرا بيئيا تشمل المناخ، والتضاريس، والغطاء النباتي، والخصائص الجيولوجية.

- Ad -

تعاون بحثي مغربي دولي يضع أسس إدارة الموارد الزراعية وفق بيانات دقيقة

تحليل هذه المعطيات تم باستخدام خوارزمية “Random Forest” التي تتميز بقدرتها على اكتشاف العلاقات المعقدة بين البيانات. وأظهرت النماذج الناتجة دقة عالية، حيث بلغ معامل التحديد 0.78 للفوسفور و0.80 للبوتاسيوم، وتم التحقق من مصداقيتها عبر اختبارات إحصائية متقدمة، منها تقنية الـBootstrap لقياس هامش الخطأ.

إتاحة هذه الخرائط مجانا تمثل إضافة نوعية للأدوات المتاحة للمزارعين والباحثين وصناع القرار، إذ تمكن من تحديد المناطق التي تعاني نقصا في العناصر الغذائية بدقة، ما يسمح بتوجيه التسميد إلى الأماكن المحتاجة فقط وتفادي الاستعمال المفرط، وبالتالي الحد من تلوث المياه الجوفية. كما تمهد هذه النتائج الطريق نحو تطوير الزراعة الدقيقة بالمغرب، من خلال دمج هذه البيانات في أنظمة إدارة المحاصيل الذكية وتحسين التوصيات التقنية.

وبهذا الإنجاز، يصبح المغرب أول دولة في شمال إفريقيا تمتلك خريطة وطنية عالية الدقة لعناصر التربة الأساسية، ما يمنحه أداة استراتيجية لتحقيق التوازن بين زيادة الإنتاج الزراعي والحفاظ على الموارد الطبيعية. ويأمل القائمون على المشروع أن يكون هذا العمل نموذجا لبقية دول المنطقة التي تواجه تحديات مماثلة.

مقالات ذات صلة