بخطاب امتنان نادر ومشهد رمزي مهيب، ودعت النيجر السفير المغربي علال العشاب بعد أكثر من ثمان سنوات قضاها في نيامي، وخصته بوسام الاستحقاق الوطني من درجة قائد، في حفل حضره أعضاء الحكومة ورؤساء البعثات الدبلوماسية، ليسطر نهاية مرحلة دبلوماسية مغربية اتسمت بالهدوء والتضامن في لحظات شديدة الاضطراب.
من النصح إلى الكهرباء.. المغرب في قلب التحول النيجري
لم يكن دعم المغرب للنيجر بعد انقلاب 26 يوليو 2023، الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، مجرد موقف عابر، بل اتخذ أبعادا عملية امتدت من النصيحة السياسية إلى المعونة التقنية. وزير خارجية النيجر، بكاري ياوو سانغاري، أكد أن المملكة وقفت إلى جانب سلطات المرحلة الانتقالية، وساهمت فعليا في دعم السيادة الوطنية والتنمية، من خلال ما وصفه بـ”النصائح الهادئة والفعالة” التي صاغتها الدبلوماسية المغربية.
لكن الدعم لم يكن سياسيا فقط. فعندما أوقفت نيجيريا إمدادات الكهرباء عن النيجر في سياق العقوبات الإقليمية، تدخل المغرب وأمر الملك محمد السادس بتقديم تسعة مولدات كهربائية كاملة، ساعدت في تأمين جزء من حاجيات البلاد الطاقية، مع توفير تكوينات تقنية لأطر شركة NIGELEC حول تشغيل وصيانة هذه المعدات.
الوزير سانغاري لم يخف تأثره خلال حفل الوداع، إذ وصف السفير العشاب بأنه “صديق كبير للنيجر”، وقال إن رحيله لحظة حزينة رغم طابعها الاحتفالي، مشيدا بالدور الذي لعبه في “تعزيز الروابط التاريخية بين الشعبين” ومؤكدا أن خدماته “تستحق أرفع درجات التقدير الرسمي”.
بالتزامن مع هذه المحطة، دشن المغرب مرحلة دبلوماسية جديدة في النيجر من خلال تعيين محمد أبومراتن،.. أحد أبرز الوجوه الصاعدة في الدبلوماسية المغربية،.. والذي سبق أن شغل منصب نائب السفير في كل من الجزائر وتونس. وقد تم استقباله في 28 أبريل من طرف الملك محمد السادس إلى جانب مجموعة من السفراء الجدد.
مهمة أبومراتن لن تكون سهلة. فإلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية،.. سيكون في قلب استراتيجية الربط بين دول الساحل والمحيط الأطلسي،.. وهي المبادرة المغربية الطموحة التي تسعى لإعادة صياغة التوازنات الجيوسياسية في غرب إفريقيا.
ويأتي هذا التعيين بعد أيام من استقبال العاهل المغربي لوزراء خارجية النيجر ومالي وبوركينافاسو،.. في خطوة تعكس التزام المملكة بلعب دور محوري في إعادة بناء العمق الإفريقي لدبلوماسيتها،.. بعيدا عن الشعارات، وبالاعتماد على الفعل المتزن والتعاون الواقعي.


