يستعد المغرب لدخول مرحلة جديدة في علاقاته التجارية مع مصر، حيث تخطط الرباط لطرح عرض تصديري متكامل يعكس جودة منتجاتها وقدرتها التنافسية، مستفيدة من القرب الجغرافي والتكامل الاقتصادي بين البلدين. ومن المقرر أن يتم تقديم هذا العرض خلال زيارة رسمية لوفد مغربي إلى القاهرة في أبريل المقبل.
رغم اتفاقية التبادل الحر بين المغرب ومصر، إلا أن الميزان التجاري يميل بشكل واضح لصالح الجانب المصري. لهذا، يسعى المغرب إلى تعديل هذا الوضع عبر تصدير منتجات تلبي احتياجات السوق المصري، وتجمع بين الأداء العالي والأسعار التنافسية، وفق ما كشفته مصادر مقربة من المفاوضات.
الصناعة المغربية.. ركيزة التعاون الجديد
تمر مصر بمرحلة تحول اقتصادي شامل، تتجلى في مشاريع البنية التحتية الطموحة وزيادة الطلب المحلي على المنتجات الصناعية. في هذا السياق، يطمح المغرب إلى لعب دور المورد الأساسي في قطاعات استراتيجية، وعلى رأسها:
يستفيد المغرب من خبرته الرائدة عالميا في صناعة السيارات، ليطرح نفسه كمصدر رئيسي للمركبات والقطع اللازمة للقطاع الصناعي المصري. ويأتي ذلك استجابة للطلب المتزايد على السيارات، خاصة في القطاعات الصناعية والسياحية والمعدنية، حيث يرى خبراء مغاربة أن المركبات ذات السعة المتوسطة والسيارات التجارية قد تكون الحل المثالي لمتطلبات السوق المصري.
لكن الطموح المغربي لا يتوقف عند تصدير السيارات فقط، بل يشمل أيضًا تزويد المصانع المصرية بقطع الغيار والمكونات الأساسية، مما يعزز من عمليات التصنيع والتجميع في مصر.
مع امتلاك مصر موانئ استراتيجية كالإسكندرية وبورسعيد،.. يسعى المغرب إلى تقديم خبراته في بناء السفن والنقل البحري،.. حيث تؤكد مصادر أن أحواض بناء السفن المغربية قادرة على تصنيع سفن تجارية تخدم قطاع التجارة المصري،.. ما يفتح آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين.
هل ينجح المغرب في تعديل ميزانه التجاري مع مصر؟ استراتيجية جديدة قيد التنفيذ
لا يقتصر العرض التصديري المغربي على قطاع السيارات والبنية التحتية فحسب، بل يمتد ليشمل مجالات متعددة:
- الصناعات البلاستيكية: المغرب مستعد لتلبية الطلب المصري في مجالات التعبئة والتغليف ومواد البناء،.. خاصة عبر توفير منتجات من البولي إيثيلين والكاوتشوك، والتي لا تزال مصر تعتمد على استيرادها.
- قطاع النسيج: يقدم المغرب منتجات متخصصة في صناعة الملابس والأثاث، ما يعزز من التكامل بين الصناعتين النسيجيتين في البلدين.
- الصناعات الغذائية: يتطلع المغرب إلى تعزيز صادراته من القهوة المتميزة والمعلبات الغذائية،.. خاصة السردين الذي يحظى بشعبية واسعة في السوق المصري.
من جهة أخرى، يمكن للمغرب أن يصبح موردا رئيسيا لمواد البناء كالحديد والصلب،.. ما يساعد في تلبية الطلب المتزايد في مشاريع التوسع العمراني في مصر. أما في مجال الأسمدة، فيمتلك المغرب ميزة تنافسية بفضل احتياطياته الهائلة من الفوسفات،.. مما يمنحه فرصة كبيرة لتصدير حمض الفوسفوريك المستخدم في صناعة الأسمدة.
تسعى الرباط، عبر هذه الاستراتيجية الشاملة، إلى إرساء أسس جديدة لشراكة اقتصادية متينة مع القاهرة،.. من خلال تحقيق توازن أكبر في المبادلات التجارية. وإذا نجح هذا التحرك، فقد يشكل نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين البلدين،.. مما يعزز من اندماجهما الإقليمي ويمنحهما فرصا أكبر في الأسواق العالمية.
ويبقى السؤال الأهم: كيف ستتفاعل السوق المصرية مع هذه المبادرة المغربية؟ وهل ستتمكن الرباط من تحقيق أهدافها في تعديل الميزان التجاري؟ الإجابة ستتضح خلال الأشهر القادمة، مع بدء المفاوضات والمباحثات الاقتصادية بين الطرفين.