تشهد كواليس الأمم المتحدة توترا جديدا مع بدء جلسة مغلقة لمجلس الأمن، مساء اليوم الجمعة، لمناقشة مستقبل بعثة الأمم المتحدة في الصحراء “المينورسو”، وذلك وسط تطورات غير مسبوقة أربكت حسابات جبهة البوليساريو، بعد تسريب مشروع القرار الأمريكي الذي يدعم بقوة مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وفي خطوة عاجلة تعكس ارتباكها، وجهت جبهة البوليساريو رسالة استعجالية إلى السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا، الرئيس الحالي لمجلس الأمن، عبرت فيها عن رفضها القاطع لمشروع القرار الأمريكي، وهددت صراحة بمقاطعة أي عملية سياسية أو مفاوضات مستقبلية إذا جرى تمرير المشروع بصيغته الحالية.
وجاء في نص الرسالة التي عممتها الجبهة أن المسودة الأمريكية “تمثل انحرافا خطيرا وغير مسبوق” لأنها — حسب تعبيرها — “تضرب أسس عملية السلام الأممية وتشكل انتهاكا للوضع الدولي للإقليم”. واعتبرت أن “أي مقاربة تفرض نتيجة مسبقة أو تحد من حق تقرير المصير غير مقبولة على الإطلاق”.
ورغم لهجة التصعيد، حاولت الجبهة في الوقت نفسه إظهار حسن نية شكلية، مؤكدة استعدادها “للعمل من أجل سلام عادل ودائم” ومشيرة إلى أنها قدمت للأمين العام للأمم المتحدة مقترحا موسعا في 20 أكتوبر 2025 بهدف تحريك المسار السياسي.
لكن خلف هذا الخطاب، يبدو أن الرسالة تعبّر عن إحباط عميق داخل قيادة البوليساريو بعد أن باتت الولايات المتحدة، للمرة الأولى منذ سنوات، تؤكد في مسودة قرارها أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 “هي الحل الأكثر جدية وموثوقية وواقعية للنزاع”.
ووفق معطيات دبلوماسية، فإن المسودة الأمريكية — التي تم توزيعها على أعضاء المجلس الدائمين — تدعو إلى استئناف المفاوضات فورا بين المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا “على أساس مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية”. كما تدعم بقوة جهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا وتحث على الوصول إلى اتفاق نهائي قبل نهاية ولاية “المينورسو”، التي يقترح المشروع تمديدها إلى يناير 2026 فقط.
وتدعو المسودة كذلك الأمين العام للأمم المتحدة إلى تقديم إحاطات منتظمة كل ستة أسابيع حول تطورات الملف، مع رفع توصيات نهائية قبل نهاية الولاية الحالية بشأن مستقبل بعثة “المينورسو”، بما في ذلك احتمال تحويل مهامها أو إنهائها نهائيا.
هذا التحول في الموقف الأمريكي يعد بمثابة صفعة قوية للبوليساريو وحلفائها، خاصة أنه يتزامن مع الحركية الدبلوماسية المتصاعدة التي تعرفها الرباط، وتزايد عدد الدول الداعمة لمغربية الصحراء، سواء من خلال فتح قنصليات في الأقاليم الجنوبية أو من خلال دعم صريح لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع.
ومع اقتراب الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، يبدو أن المشهد الدولي يسير نحو حسم نهائي لهذا الملف الذي عمر طويلا داخل أروقة الأمم المتحدة، وسط تأييد متزايد للرؤية المغربية في مقابل عزلة متنامية لجبهة البوليساريو.


