في لحظة بدت كأنها تتويج لمسار طويل من العمل الدبلوماسي الهادئ، خرج وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ليكشف أمام المغاربة كواليس القرار الأممي الذي أعاد التأكيد على أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل الواقعي الوحيد للنزاع حول الصحراء المغربية.
وخلال مقابلة مباشرة على القناة الثانية مساء السبت 1 نونبر 2025، تحدث بوريطة بصراحة نادرة عن الأيام العصيبة التي سبقت التصويت داخل مجلس الأمن، قائلا:
“دوك الـ11 اللي شفتو البارح صوتو مع مغربية الصحراء ما جاوش بالساهل، غير قبل خمسة أيام كنا ضامنين غير ستة أصوات، وكان القرار مهدد ما يدوزش، حيت خاص تسعة ديال الأصوات وميكونش الفيتو.”
هذه الكلمات فتحت نافذة على ما يجري خلف الكواليس في واحدة من أدق المعارك الدبلوماسية التي خاضها المغرب خلال السنوات الأخيرة.
تدخل ملكي حاسم
الوزير أكد أن جلالة الملك محمد السادس كان في صلب التحرك، مشيرا إلى أن تدخلات جلالته الشخصية مع عدد من قادة الدول الأعضاء بمجلس الأمن كانت اللحظة الفاصلة التي قلبت التوازن لصالح الموقف المغربي.
وقال بوريطة بعبارة حاسمة:
“هادشي اللي وقع البارح كان مخطط ليه بالحرف من طرف جلالة الملك، وما جاش عبثا، كنا عارفين غنوصلو لهاذ النتيجة.”
تصريحات الوزير أظهرت بوضوح أن القضية الوطنية تدار من أعلى هرم الدولة برؤية ملكية دقيقة، تعتمد على العمل الهادئ والإقناع المستمر بدل الضجيج الدبلوماسي.
الاعتراف الأمريكي نقطة تحول
وأشار بوريطة إلى أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020 كان بمثابة نقطة التحول الكبرى التي منحت المغرب دعما استراتيجيا متينا داخل المنتظم الدولي، مبرزًا أن هذا الاعتراف جعل العديد من الدول تتبنى “مقاربة واقعية” في التعامل مع الملف.
فمنذ تلك اللحظة، أصبح الموقف المغربي يحظى بمصداقية متزايدة، مدعوما بتحالفات متينة ورؤية واضحة المعالم.
واختتم بوريطة حديثه بالتأكيد على أن قرار مجلس الأمن الأخير ليس نهاية المعركة بل بداية فصل جديد من ترسيخ المكاسب، مضيفا أن ما تحقق هو ثمرة لسنوات من الدبلوماسية المتزنة التي يقودها الملك محمد السادس بخطى ثابتة.
ما كشفه الوزير المغربي لا يمثل مجرد تفاصيل سياسية، بل شهادة حيّة على أن المغرب أصبح اليوم يفرض منطقه في الساحة الدولية، مستندا إلى شرعية تزداد قوة يوما بعد يوم، وإلى قيادة ملكية جعلت من الدفاع عن الصحراء المغربية قضية وطنية فوق كل اعتبار.


