الأكثر مشاهدة

بين النمو والبطالة: لماذا لا يتحول النمو الاقتصادي في المغرب إلى فرص عمل؟

في ظل التحديات المستمرة لسوق الشغل بالمغرب، يتكرر القول بأن النمو الاقتصادي هو الحل الأمثل لخلق فرص العمل. لكن الواقع يظهر أن العلاقة بين النمو وخلق الشغل ليست بالمرونة المطلوبة، وقد تراجعت هذه المرونة بشكل ملحوظ خلال العقد الأخير مقارنة بالفترة الممتدة بين 2000 و2010.

يقدم تقرير “النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل: لماذا يعاني الاقتصاد المغربي في توفير الشغل؟” الصادر عن المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية (IRES)، قراءة دقيقة للفترة الممتدة بين 2000 و2024. ويكشف التقرير أن الاقتصاد المغربي، رغم تحقيقه معدلات نمو إيجابية، لم يتمكن من تحويل هذا النمو إلى فرص عمل كافية.

أحد الأسباب الرئيسية هو الأداء الضعيف للقطاع الصناعي. فقد انخفض معدل نمو القيمة المضافة للقطاع الصناعي من 4,2٪ سنويا بين 2000 و2008 إلى 2,8٪ بين 2020 و2023. وعلى سبيل المثال، انخفضت حصة قطاع النسيج من الوظائف الصناعية من 49٪ إلى 29٪، لصالح قطاعات أكثر رأسمالية وأقل اعتمادا على اليد العاملة.

- Ad -

كما لم تساهم التحولات الهيكلية للاقتصاد في امتصاص العمالة المنتقلة من القطاع الزراعي، الذي ما يزال يشكل أكثر من 27٪ من مجموع العمالة رغم انخفاض مساهمته في الناتج المحلي من 8,9٪ سنة 1999 إلى 8,2٪ سنة 2024.

وتشير الدراسة إلى أن تأثير النمو على الوظائف في القطاعات الأخرى ضعيف، فكل مليون درهم من الطلب النهائي يولد نحو ستة وظائف مباشرة، وتسعة عند احتساب الوظائف غير المباشرة، ما يعطي مضاعف متوسط قدره 1,51 فقط. ويظل القطاع الزراعي الأكثر كثافة في خلق الوظائف، لكنه معرض بشكل كبير للصدمات المناخية، كما ظهرت التأثيرات السلبية للجفاف على مرونة الوظائف القروية، حيث تحولت من خلق نحو 11 ألف وظيفة لكل نقطة نمو بين 2000 و2010 إلى -16 ألف وظيفة بين 2010 و2019.

ويشير التقرير أيضا إلى استمرار ضعف دمج البعد الاجتماعي والوظيفي في السياسات الاقتصادية، وارتفاع نسبة الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يفاقم البطالة ويحد من استفادة القوى العاملة من نمو الاقتصاد.

في نهاية المطاف، يوضح التقرير أن الاقتصاد المغربي يواجه معضلة مزدوجة: معدل نمو غير كاف لتحريك سوق الشغل بشكل واسع، وتحولات هيكلية لا تلبي احتياجات العمالة في القرى والحضر، ما يجعل البطالة، خصوصا بين الشباب والنساء، إحدى التحديات الكبرى التي تتطلب استراتيجيات أكثر تكاملا وفعالية.

مقالات ذات صلة