باشرت المفتشية العامة للإدارة الترابية تحقيقات موسعة حول شبهات تلاعب في تأشيرات الإلغاء الخاصة بسندات الطلب داخل عدد من الجماعات الترابية بجهتي الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي. التحقيقات جاءت على خلفية ارتفاع وتيرة قرارات الإلغاء التي أقدم عليها بعض رؤساء الجماعات، خاصة في المناطق التي لم تشملها زيارات لجان التفتيش خلال الفترات الماضية.
وكشفت مصادر مطلعة أن غالبية المسؤولين الجماعيين برروا قراراتهم بـ”تغير السياق”، وهو مبرر قانوني يتيحه مرسوم الصفقات العمومية في حالات استثنائية، مثل تغييرات جوهرية في المعطيات الاقتصادية أو التقنية، أو عندما تتجاوز العروض المقدمة الاعتمادات المالية المرصودة. إلا أن التحقيقات الأولية أظهرت أن بعض قرارات الإلغاء لم تكن مبررة بتغييرات موضوعية، بل جاءت لتفادي الجدل السياسي في ظل التوترات الانتخابية الحالية.
تبريرات قانونية وواقع مشبوه.. هل هي مصادفة أم تحايل؟
التقارير الأولية للمفتشية رصدت تجاوزات عدة،.. من بينها صفقات تجاوزت الاعتمادات المالية المرصودة بميزانيات الجماعات، وصياغة بنود تمييزية في طلبات العروض،.. إضافة إلى شبهات محاباة لمقربين وحلفاء سياسيين، وهو ما دفع بعض المنافسين إلى الاحتجاج على هذه التجاوزات. كما تم تسجيل حالات تضارب مصالح بين المسؤولين المشرفين على المشاريع والمقاولات التي حصلت على الصفقات، مما يثير تساؤلات حول معايير الشفافية والنزاهة في تدبير هذه الملفات.
وقد طلب مفتشو وزارة الداخلية وثائق ومستندات خاصة بسندات الطلب الملغاة،.. ووجدوا تناقضات واضحة بين مبررات الإلغاء والتقارير المالية للجماعات المعنية،.. حيث ادعى بعض المسؤولين أن الصفقات ألغيت بسبب نقص الميزانية،.. في حين أظهرت السجلات المالية توفر الاعتمادات الكافية لتنفيذها.
واعتمدت المفتشية في تدقيقها لهذه الخروقات على المادة 48 من المرسوم رقم 2.22.349 الخاص بالصفقات العمومية،.. للتأكد من مدى احترام المساطر القانونية في عمليات الإلغاء. كما تم التدقيق في طلبات استشارة تقدم بها بعض المسؤولين الجماعيين حول صفقات معينة،.. قبل أن يتم إلغاؤها لاحقا بعد التأكد من احتوائها على بنود تمييزية مخالفة للقانون.
إلى جانب ذلك، يركز التحقيق أيضا على شبهات استغلال رؤساء جماعات لنفوذهم لمحاباة مقاولات معينة،.. وسط ادعاءات بتقديم عمولات وامتيازات مقابل ضمان الحصول على صفقات،.. وهو ما أثار احتجاجات من قبل متنافسين آخرين. كما وردت تقارير تفيد بتعرض بعض المقاولين لضغوط من قبل منتخبين لإجبارهم على تقديم عروض مشتركة مع شركات مملوكة لأقاربهم ومعارفهم،.. لضمان فوزهم بالصفقات المنظمة عبر البوابة الوطنية للصفقات العمومية.