أفادت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، المتخصصة في شؤون القارة الإفريقية، بتراجع واضح في تأثير اللغة الفرنسية والثقافة الفرانكوفونية في المغرب والجزائر وتونس، وذلك نتيجة للخلافات السياسية المستمرة مع باريس.
أوضحت المجلة الفرنسية في سلسلة من المقالات أن ملك المغرب يشعر بالاستياء تجاه موقف إيمانويل ماكرون حتى درجة رفض التحدث معه عبر الهاتف، وأن العلاقات الجزائرية الفرنسية تعاني من تجمد.
كما أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، يشعر بالانزعاج من أن أوروبا وفرنسا لم تعد تعتبر بلاده سوى منطقة احتجاز لمرشحي الهجرة. وفي جميع الحالات، يفضل التحدث مباشرة مع رئيسة الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لين، أو مع الزعيمة الإيطالية النشطة جيورجيا ميلوني، بدلا من الشريك الفرنسي السابق.
وأشارت المجلة إلى أن فرنسا في عام 2023 لا تعكس روح القداسة في معظم أنحاء أفريقيا،.. وهو أمر يصعب تجاهله، ودول المغرب الكبير الثلاثة ليست استثناء من هذا التقييم. يلوم الكثيرون إيمانويل ماكرون، الذي كان مهووسا بفكرة كسر الرموز ولم يكن يستمع إلى أي شخص، حتى مستشاريه الذين كانوا يتعودون على مناقشة الشركاء الأفارقة.
الشباب المغاربي.. من الفرنسية إلى الإنجليزية
وأشارت المجلة إلى أن الشباب الحالي ليس لديهم تجارب مماثلة لتلك التي خاضها آباؤهم أو أجدادهم،.. ولم يحصلوا على نفس مستوى التعليم. وهم لا يتطلعون إلى نفس الطموحات ولا يحملون نفس الأحلام. تتجلى هذه الاختلافات بشكل خاص في علاقتهم باللغات الأجنبية،.. وقد ظهرت التحديات التي واجهت تنظيم القمة الفرانكفونية الأخيرة في جربة التونسية في نونبر 2022 كمظهر واحد فقط من جوانب المشكلة.
وبالإضافة إلى ذلك، يشير الواقع إلى أن الشباب في الدول المغاربية يميلون بشكل متزايد إلى تعلم اللغة الإنجليزية. يعزى هذا التحول إلى الاعتبارات العالمية، حيث أصبحت الإنجليزية لغة العلوم ولغة الأعمال الرئيسية. يدرك الشباب أن إتقان الإنجليزية يمكن أن يوسع آفاقهم ويفتح لهم أبواب فرص أكبر في سوق العمل الدولي.
هذا التحول في تفضيل اللغة الإنجليزية يعكس تغيرا في آفاق وطموحات الشباب المغاربي،.. حيث يسعى الكثيرون إلى التحصيل العلمي والمهني بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث. تعكس هذه الاتجاهات أيضا تحولا في تفكير الشباب بشأن اللغات التي يرونها ذات أهمية حيوية في تحقيق نجاحهم الشخصي والمهني.
وبهذا، يظهر أن التأثير الثقافي واللغوي للغة الفرنسية في المنطقة يخضع لتحولات ملحوظة،.. حيث ينعكس التغير في اتجاهات الشباب نحو اعتبار الإنجليزية لغة أساسية للتفاعل مع العالم العصري وتحقيق طموحاتهم الشخصية والمهنية،.. بدلا للغة الفرنسية التي سادت في المنطقة طوال العقود السابقة.