تشهد الحدود الشمالية لموريتانيا توترا متصاعدا في الأسابيع الأخيرة، بعد سلسلة من الاعتداءات التي نفذتها عناصر تابعة لجبهة البوليساريو ضد منقبين عن الذهب، ما أثار موجة استياء واسعة داخل الأوساط الموريتانية، ودفع الجيش إلى تبني إجراءات أمنية أكثر صرامة.
مصدر موريتاني مطلع أوضح أن قيادة الجبهة الانفصالية أبدت انزعاجا واضحا من السياسة الجديدة للجيش الموريتاني، معتبرة أن تشديد الرقابة على الحدود يمثل ميلا لصالح الموقف المغربي في قضية الصحراء. وقد ترجم هذا الانزعاج على الأرض باعتداءات متفرقة استهدفت منقبين داخل التراب الموريتاني.
آخر هذه الاعتداءات وقع يوم الخميس 4 شتنبر الجاري، حين قصفت البوليساريو بالمدفعية مجموعة من المنقبين في منطقة “أگليبات الفولة” بالمنطقة المتنازع عليها، ما أدى إلى مقتل مواطن سوداني وإصابة اثنين آخرين، أحدهما سوداني والثاني مالي، نقلا على عجل إلى مستشفى الزويرات لتلقي العلاج.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ لاحقت عناصر مسلحة تابعة للجبهة، يوم الأربعاء الماضي، سيارة منقبين قرب “أم ظفرين” على بعد ستة كيلومترات فقط من الحدود، قبل أن تدخل العمق الموريتاني وتعتدي على ركابها وتسلب سيارتهم. الحادث أثار غضبا كبيرا بين المنقبين، ما دفع قيادة الأركان الموريتانية إلى التدخل والضغط على البوليساريو لإرجاع السيارة، وهو ما تم بالفعل.
مصادر عسكرية أكدت أن اللواء محمد فال الرايس، قائد الأركان العامة للجيوش، مصمم على تعزيز حضور الجيش الميداني وبسط سيطرته على كامل التراب الوطني، رغم التوترات مع الجبهة الانفصالية. هذا التدخل لاقى ترحيبا من المنقبين الذين عبروا عن ارتياحهم بعد أن لمسوا جدية السلطات في حمايتهم من المضايقات.
وتشير المعطيات ذاتها إلى أن نواكشوط تستعد خلال الأيام المقبلة لإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لتأمين الحدود الشمالية، تتضمن إقامة نقاط تفتيش دائمة وإنشاء منطقة عسكرية مغلقة بعمق عشرة كيلومترات على طول الحدود، بهدف إنهاء حالة التسيب التي استغلتها البوليساريو والعصابات الإجرامية لسنوات.
بهذه الخطوات، يبدو أن موريتانيا ماضية في فرض سيادتها الكاملة على حدودها، ولو كلفها ذلك الدخول في مواجهة مباشرة مع الجبهة الانفصالية التي تبحث عن أي منفذ للضغط على جارتها الجنوبية.